للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُقَهَاءِ. فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ، كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ، يَأْمُرُونَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ [اسْتِحْبَابًا] (١) وَمِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُهُ كَأَهْلِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَمَذْهَبُ الشِّيعَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجَوِّزُونَ الْفَسْخَ. وَالصَّحَابَةُ كَانُوا مُتَنَازِعِينَ فِي هَذَا، فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ كَانَ يَأْمُرُ بِهِ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَطَائِفَةٍ أَنَّهُمْ مَنَعُوا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ صَوَابًا فَهُوَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً (٢) فَهُوَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَلَا يَخْرُجُ الْحَقُّ عَنْهُمْ (٣) .

وَإِنْ قَدَحُوا فِي عُمَرَ لِكَوْنِهِ (٤) نَهَى عَنْهَا، فَأَبُو ذَرٍّ كَانَ أَعْظَمَ نَهْيًا عَنْهَا مِنْ عُمَرَ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ خَاصَّةً بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُمْ يَتَوَلَّوْنَ أَبَا ذَرٍّ وَيُعَظِّمُونَهُ، فَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُوجِبُ الْقَدْحَ؛ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْدَحُوا فِي أَبِي ذَرٍّ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُقْدَحُ فِي عُمَرَ دُونَهُ، وَعُمَرُ أَفْضَلُ وَأَفْقَهُ وَأَعْلَمُ مِنْهُ؟ ! (٥) وَيُقَالُ: ثَانِيًا: إِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُحَرِّمْ مُتْعَةَ الْحَجِّ، بَلْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّ الضَّبِّيَّ (٦) بْنَ مَعْبَدٍ لَمَّا قَالَ لَهُ: إِنِّي أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ (٧) .


(١) اسْتِحْبَابًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(٢) وَ: مَحْظُورًا.
(٣) انْظُرِ: الْمُغْنِيَ لِابْنِ قُدَامَةَ ٣/٣٩٩ - ٤٠١
(٤) لِكَوْنِهِ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بِكَوْنِهِ.
(٥) أ، ب: وَأَفْقَهُ مِنْهُ وَأَعْلَمُ.
(٦) ن، م، و: وَالضَّبِّيِّ.
(٧) الْحَدِيثُ عَنِ الضَّبِّيِّ بْنِ مَعْبَدٍ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٥/١١٣ - ١١٤ (كِتَابُ الْمَنَاسِكِ، بَابُ الْقُرْآنِ) ؛ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ٢/٩٨٩ (كِتَابُ الْمَنَاسِكِ، بَابُ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ١/١٨٩ - ١٩٠ (وَسَمَّى الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر التَّابِعِيَّ: الضَّبِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ. وَصَحَّحَ الْحَدِيثَ) وَهُوَ مُكَرَّرٌ: الْأَرْقَامَ: ١٦٩، ٢٢٧، ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>