للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةُ فَمَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ، لَكِنْ مِنْ أَيْنَ نَعْلَمُ أَنَّهَا خَلَّفَتْ مَالًا، وَأَنَّ آيَةَ الْفَرَائِضِ كَانَتْ قَدْ نَزَلَتْ. فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [سُورَةِ النِّسَاءِ: ١٢] إِنَّمَا تَنَاوَلَ مَنْ مَاتَتْ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَهَا تَرِكَةٌ، فَمَنْ لَمْ تَمُتْ زَوْجَتُهُ أَوْ مَاتَتْ (١) وَلَا مَالَ لَهَا لَمْ يُخَاطَبْ (٢) بِهَذِهِ الْكَافِ.

وَبِتَقْدِيرِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ شُمُولِ إِحْدَى الْكَافَيْنِ لَهُ شُمُولُ الْأُخْرَى، بَلْ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى الدَّلِيلِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ مِنَ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ وَبِالْعَكْسِ. فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَمَرَهُ بِأَمْرٍ تَنَاوَلَ الْأُمَّةَ، وَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ عُرِفَ بِعَادَةِ (٣) الشَّرْعِ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [سُورَةِ الْأَحْزَابِ: ٣٧] ، فَذَكَرَ أَنَّهُ أَحَلَّ ذَلِكَ لَهُ؛ لِيَكُونَ (٤) حَلَالًا لِأُمَّتِهِ وَلَمَّا خَصَّهُ بِالتَّحْلِيلِ قَالَ: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةِ الْأَحْزَابِ: ٥٠] فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الْكَافَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ؟ .

قِيلَ: مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قَالَهُ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ الشَّارِعِ (٥) فِي خِطَابِهِ، كَمَا يُعْرَفُ مِنْ عَادَةِ الْمُلُوكِ إِذَا خَاطَبُوا أَمِيرًا بِأَمْرٍ أَنَّ نَظِيرَهُ مُخَاطَبٌ


(١) أ، ب: فَمَنْ لَمْ تَمُتْ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَهَا تَرِكَةٌ أَوْ مَاتَتْ. . .
(٢) أ، ب، ن: لَمْ تُخَاطَبْ.
(٣) أ، ب: بِعِبَارَةِ.
(٤) أ، ب: فَيَكُونُ. ١
(٥) ن: الشَّرْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>