للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ» " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ (١) .

يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَذْكُورٌ فِي سِيَاقِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا - وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} ، [سُورَةِ النِّسَاءِ: ٣، ٤] إِلَى قَوْلِهِ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [سُورَةِ النِّسَاءِ: ١١] .

وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَاطَبْ بِهَذَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِمَثْنَى وَلَا ثُلَاثَ وَلَا رُبَاعَ، بَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا مَأْمُورًا بِأَنْ يُوَفِّيَ كُلَّ امْرَأَةٍ صَدَاقَهَا، بَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ تَهِبُ نَفْسَهَا لَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ. كَمَا قَالَ تَعَالَى (٢) : {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} [سُورَةِ الْأَحْزَابِ: ٥٠] إِلَى قَوْلِهِ: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [سُورَةِ الْأَحْزَابِ: ٥٠] .

وَإِذَا كَانَ سِيَاقُ الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ خِطَابٌ لِلْأُمَّةِ دُونَهُ لَمْ يَدْخُلْ هُوَ فِي عُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ.


(١) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْجُزْءِ.
(٢) ب (فَقَطْ) : كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>