للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَّمَهُ عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَلِيَانِهِ وَيَفْعَلَانِ فِيهِ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ. وَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ انْتِفَاءَ التُّهْمَةِ (١) عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ.

الْوَجْهُ الْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يُقَالَ: قَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّ الظَّلَمَةَ مِنَ الْمُلُوكِ إِذَا تَوَلَّوْا بَعْدَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُلُوكِ الَّذِينَ أَحْسَنُوا إِلَيْهِمْ أَوْ رَبَّوْهُمْ (٢) ، وَقَدِ انْتَزَعُوا الْمُلْكَ مِنْ بَيْتِ ذَلِكَ الْمَلِكِ، اسْتَعْطَفُوهُمْ وَأَعْطَوْهُمْ لِيَكُفُّوا عَنْهُمْ مُنَازَعَتَهُمْ، فَلَوْ قُدِّرَ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مُتَغَلِّبَانِ مُتَوَثِّبَانِ، لَكَانَتِ الْعَادَةُ تَقْضِي (٣) بِأَنْ يُزَاحِمَا الْوَرَثَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْوِلَايَةِ وَالتَّرِكَةِ [فِي الْمَالِ] (٤) ، بَلْ يُعْطِيَانِهِمْ ذَلِكَ وَأَضْعَافَهُ؛ لِيَكُفُّوا عَنِ الْمُنَازَعَةِ فِي الْوِلَايَةِ. وَأَمَّا مَنْعُ الْوِلَايَةِ وَالْمِيرَاثِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَذَا لَا يُعْلَمُ (٥) أَنَّهُ فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُلُوكِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَظْلَمِ النَّاسِ وَأَفْجَرِهِمْ. فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي فَعَلُوهُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرٌ خَارِجٌ عَنِ الْعَادَةِ (٦) الطَّبِيعِيَّةِ فِي الْمُلُوكِ، كَمَا هُوَ خَارِجٌ عَنِ الْعَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ لِاخْتِصَاصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا لَمْ يَخُصَّ اللَّهُ بِهِ غَيْرَهُ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَهُوَ النُّبُوَّةُ (٧) ؛ إِذِ الْأَنْبِيَاءُ لَا يُورَثُونَ.


(١) أ، ب: التُّهَمِ.
(٢) ن: أَوْرَثُوهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) ر، ص، هـ: تَقْتَضِي.
(٤) فِي الْمَالِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَفِي (ر) ، (ص) : وَالشَّرِكَةِ فِي الْمُلْكِ، وَفِي (هـ) : وَالتَّرِكَةِ فِي الْمُلْكِ.
(٥) أ، ب: لَا نَعْلَمُ.
(٦) أ، ب، م: الْعَادَاتِ.
(٧) أ، ب: وَهُوَ الْأَنْزَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>