للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ خَلَفَهُ فِي مَالِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ أَوْ مُلْكِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِهَذَا الْإِرْثِ إِرْثُ الْعِلْمِ وَالنُّبُوَّةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا إِرْثُ الْمَالِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [سُورَةِ النَّمْلِ: ١٦] ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ دَاوُدَ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ كَثِيرُونَ غَيْرُ سُلَيْمَانَ، فَلَا يُخْتَصُّ سُلَيْمَانُ بِمَالِهِ.

وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي كَوْنِهِ وَرِثَ مَالَهُ صِفَةَ مَدْحٍ، لَا لِدَاوُدَ وَلَا لِسُلَيْمَانَ، فَإِنَّ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ يَرِثُ أَبَاهُ مَالَهُ (١) ، وَالْآيَةُ سِيقَتْ فِي بَيَانِ الْمَدْحِ لِسُلَيْمَانَ، وَمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النِّعْمَةِ.

وَأَيْضًا فَإِرْثُ الْمَالِ هُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ، كَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَدَفْنِ الْمَيِّتِ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَصُّ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ؛ إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (٢) ، وَإِنَّمَا يُقَصُّ مَا فِيهِ عِبْرَةٌ وَفَائِدَةٌ تُسْتَفَادُ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الْقَائِلِ: " مَاتَ فُلَانٌ وَوَرِثَ ابْنُهُ مَالَهُ " (٣) مِثْلُ قَوْلِهِ: " وَدَفَنُوهُ " وَمِثْلُ قَوْلِهِ: " أَكَلُوا وَشَرِبُوا وَنَامُوا " (٤) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ قَصَصِ الْقُرْآنِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ [عَنْ زَكَرِيَّا] (٥) : {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [سُورَةِ مَرْيَمَ: ٦] : [لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إِرْثَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ شَيْئًا مِنْ] (٦)


(١) ن، م: يَرِثُ ابْنُهُ مَالَهُ؛ و: يَرِثُ أَبَاهُ ابْنُهُ مَالَهُ.
(٢) عِبَارَةُ " إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) أ، ب: وَوَرِثَ مَالَهُ ابْنُهُ.
(٤) أ، ب: كُلُوا وَاشْرَبُوا وَنَامُوا.
(٥) عَنْ زَكَرِيَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) (و) .
(٦) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ. و " شَيْئًا مِنْ " فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>