للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَعْضُ الشِّيعَةِ، فَمَنْ قَالَ هَذَا مِنْ أَهْلِ (١) السُّنَّةِ فَإِنَّهُ (٢) يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ إِمَّا بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِمَّا بِالنَّصِّ الْخَفِيِّ. كَمَا أَنَّ الشِّيعَةَ الْقَائِلِينَ بِالنَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ، كَمَا تَقُولُهُ الْإِمَامِيَّةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالنَّصِّ الْخَفِيِّ، كَمَا تَقُولُهُ الْجَارُودِيَّةُ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ (٣) وَدَعْوَى أُولَئِكَ لِلنَّصِّ الْجَلِيِّ أَوِ الْخَفِيِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَقْوَى وَأَظْهَرُ بِكَثِيرٍ مِنْ دَعْوَى هَؤُلَاءِ لِلنَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ، لِكَثْرَةِ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى [ثُبُوتِ] خِلَافَةِ (٤) أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَدُلَّ عَلَى خِلَافَتِهِ إِلَّا مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ كَذِبٌ، أَوْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ.

وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَمْ يَسْتَخْلِفْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَحَدًا إِلَّا أَبَا بَكْرٍ، فَلِهَذَا كَانَ هُوَ الْخَلِيفَةَ ; فَإِنَّ الْخَلِيفَةَ الْمُطْلَقَ هُوَ مَنْ خَلَفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوِ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَهَذَانِ الْوَصْفَانِ لَمْ يَثْبُتَا إِلَّا لِأَبِي بَكْرٍ ; [فَلِهَذَا كَانَ هُوَ الْخَلِيفَةَ] . (٥) .

وَأَمَّا اسْتِخْلَافُهُ لِعَلِيٍّ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا خَرَجَ فِي غَزَاةٍ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ، كَمَا اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ تَارَةً، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَارَةً.


(١) أ: فَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ. .، ب: فَمَنْ قَالَهُ مِنْ أَهْلِ.
(٢) فَإِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(٣) يَقُولُ ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ " أُصُولُ الدِّينِ " ص ٢٨٥: " فَالزَّيْدِيَّةُ وَالْجَارُودِيَّةُ تَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ بِالْوَصْفِ دُونَ الِاسْمِ ". وَانْظُرْ: مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ ١/١٣٣ ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ ١/١٤٠. .
(٤) ن، م: النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى خِلَافَةِ ; أ، ب: النُّصُوصِ الثَّابِتَةِ الدَّالَّةِ عَلَى خِلَافَةِ.
(٥) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ: فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>