للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكَلَامُ فِي النَّاسِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، لَا بِجَهْلٍ وَظُلْمٍ، كَحَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ ; فَإِنَّ الرَّافِضَةَ تَعْمِدُ (١) إِلَى أَقْوَامٍ مُتَقَارِبِينَ (٢) فِي الْفَضِيلَةِ، تُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ (٣) أَحَدَهُمْ مَعْصُومًا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَالْآخَرَ مَأْثُومًا فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا، فَيَظْهَرُ جَهْلُهُمْ وَتَنَاقُضُهُمْ، كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ نُبُوَّةَ مُوسَى أَوْ عِيسَى، مَعَ قَدْحِهِ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يَظْهَرُ عَجْزُهُ وَجَهْلُهُ وَتَنَاقُضُهُ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ طَرِيقٍ يُثْبِتُ بِهَا نُبُوَّةَ مُوسَى وَعِيسَى إِلَّا وَتَثْبُتُ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِهَا أَوْ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، وَمَا مِنْ (٤) شُبْهَةٍ تَعْرِضُ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا وَتَعْرِضُ فِي نُبُوَّةِ مُوسَى وَعِيسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - بِمَا (٥) هُوَ مِثْلُهَا أَوْ أَقْوَى مِنْهَا، وَكُلُّ مَنْ عَمَدَ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، أَوْ مَدْحِ الشَّيْءِ وَذَمِّ مَا هُوَ مَنْ جِنْسِهِ، أَوْ أَوْلَى بِالْمَدْحِ مِنْهُ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَصَابَهُ مِثْلُ هَذَا التَّنَاقُضِ وَالْعَجْزِ وَالْجَهْلِ. وَهَكَذَا أَتْبَاعُ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايِخِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَمْدَحَ مَتْبُوعَهُ وَيَذُمَّ نَظِيرَهُ، أَوْ يُفَضِّلَ أَحَدَهُمْ عَلَى الْآخَرِ بِمِثْلِ هَذَا الطَّرِيقِ.

فَإِذَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ: (٦) أَهْلُ الْمَدِينَةِ خَالَفُوا السُّنَّةَ فِي كَذَا وَكَذَا، وَتَرَكُوا الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ فِي كَذَا وَكَذَا، وَاتَّبَعُوا الرَّأْيَ فِي كَذَا وَكَذَا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عَمَّنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: إِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ التَّلْبِيَةَ إِلَى رَمْيِ جَمْرَةِ


(١) أ، ب: يَعْمِدُونَ.
(٢) ن، و: مُتَفَاوِتِينَ.
(٣) أ، ب: يُرِيدُونَ أَنْ يَجْعَلُوا.
(٤) أ، ب: وَلَا مِنْ.
(٥) بِمَا: كَذَا فِي (أ) ، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مَا.
(٦) أ، ب: فَإِذَا قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>