للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْعَظَائِمِ، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَرْمِيهَا بِالْفَاحِشَةِ الَّتِي بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهَا، وَأَنْزَلَ (١) الْقُرْآنَ فِي ذَلِكَ.

ثُمَّ إِنَّهُمْ لِفَرْطِ جَهْلِهِمْ يَدَّعُونَ ذَلِكَ (٢) فِي غَيْرِهَا مِنْ نِسَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، فَيَزْعُمُونَ (٣) أَنَّ امْرَأَةَ نُوحٍ كَانَتْ بَغِيًّا، وَأَنَّ الِابْنَ الَّذِي دَعَاهُ نُوحٌ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ وَإِنَّمَا كَانَ مِنْهَا، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [سُورَةُ هُودٍ: ٤٦] أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ عَمَلٍ غَيْرِ صَالِحٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْرَأُ: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} [سُورَةُ هُودٍ: ٤٢] يُرِيدُونَ: ابْنَهَا، وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [سُورَةُ هُودٍ: ٤٦] وَيَتَأَوَّلُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [سُورَةُ التَّحْرِيمِ: ١٠] عَلَى أَنَّ امْرَأَةَ نُوحٍ خَانَتْهُ فِي فِرَاشِهِ (٤) ، وَأَنَّهَا كَانَتْ قَحْبَةً (٥) .

وَضَاهَوْا فِي ذَلِكَ الْمُنَافِقِينَ وَالْفَاسِقِينَ أَهْلَ الْإِفْكِ الَّذِينَ رَمَوْا عَائِشَةَ بِالْإِفْكِ وَالْفَاحِشَةِ وَلَمْ يَتُوبُوا (٦) ، وَفِيهِمْ خَطَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " «أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا» " (٧) .

وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْأَذَى لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى امْرَأَتِهِ


(١) ص: وَنَزَلَ.
(٢) ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) ن، م: فَيَدَّعُونَ.
(٤) أ، ب: فِي الْفِرَاشِ.
(٥) أ: تُحِبُّهُ، ص، هـ، و، ن، م: تَحْتَهُ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ر) ، (ب) .
(٦) أ، ب: ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا.
(٧) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>