للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَضَرَّةِ ذَلِكَ، فَمَصْلَحَةُ إِظْهَارِ فِعْلِ فَاعِلِهِ فِي الْجُمْلَةِ رَاجِحَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ كِتْمَانِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدَانِ، وَيُقَامُ الْحَدُّ فِيهِ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، بِخِلَافِ الْفَاحِشَةِ ; فَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا تَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ إِلَّا بِإِقْرَارٍ (١) أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ.

وَالرَّجُلُ يَتَأَذَّى بِرَمْيِ امْرَأَتِهِ بِالْفَاحِشَةِ (٢) ، كَمَا يَتَأَذَّى بِفِعْلِ امْرَأَتِهِ لِلْفَاحِشَةِ، وَلِهَذَا شَرَعَ لَهُ الشَّارِعُ اللِّعَانَ إِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ، وَأَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ (٣) حَدَّ الْقَذْفِ بِاللِّعَانِ دُونَ غَيْرِهِ ; فَإِنَّهُ إِذَا قَذَفَ مُحْصَنَةً لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ وَإِمَّا الْحَدِّ (٤) إِنْ طَلَبَ ذَلِكَ الْمَقْذُوفُ، وَلِهَذَا لَوْ قُذِفَتِ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُحْصَنَةٍ وَلَهَا زَوْجٌ مُحْصَنٌ وَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى الْقَاذِفِ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.

فَهَذِهِ الشَّوَاهِدُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْعُرْفِيَّةُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ تَأَذِّيَ الْإِنْسَانِ بِرَمْيِ (٥) امْرَأَتِهِ بِالْفَاحِشَةِ أَعْظَمُ مِنْ تَأَذِّيهِ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَنْزِلِهَا (٦) لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ يَظُنُّهَا الْمُخْرِجُ، مَعَ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ لَمْ يُخْرِجَاهَا مِنْ مَنْزِلِهَا، بَلْ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَتْ عَائِشَةُ بِمَكَّةَ [وَلَمْ تَكُنْ بِالْمَدِينَةِ] (٧) ، وَلَمْ تَشْهَدْ قَتْلَهُ، فَذَهَبَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَاجْتَمَعَا بِهَا فِي مَكَّةَ.


(١) ب: بِالْإِقْرَارِ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ. . .
(٢) و (فَقَطْ) : وَالرَّجُلُ لَا يَتَأَذَّى بِرَمْيِ أَحَدٍ مِنَ الْفَاحِشَةِ كَمَا يَتَأَذَّى بِرَمْيِ امْرَأَتِهِ بِالْفَاحِشَةِ. . .
(٣) أ: وَأَنْ تَدْفَعَ عَنْهُ ; ب: ويَنْدَفِعَ عَنْهُ.
(٤) ب (فَقَطْ) : الْحَدِّ.
(٥) أ، ب: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَأَذَّى بِرَمْيِ. .
(٦) ص: مِنْ مَنْزِلِهِ.
(٧) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>