للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْطَبَ الْهَارُونِيَّةَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ -. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٦] وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ لِلْأُمَّةِ عِلْمًا عَامًّا، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ هَؤُلَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَعَلَى وُجُوبِ احْتِرَامِهِنَّ ; فَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحُرْمَةِ وَالتَّحْرِيمِ، وَلَسْنَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ، فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ أَقَارِبِهِنَّ الْخَلْوَةَ بِهِنَّ، وَلَا السَّفَرَ بِهِنَّ، كَمَا يَخْلُو الرَّجُلُ وَيُسَافِرُ بِذَوَاتِ مَحَارِمِهِ.

وَلِهَذَا أُمِرْنَ بِالْحِجَابِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٥٩] وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٥٣] .

وَلَمَّا كُنَّ بِمَنْزِلَةِ الْأُمَّهَاتِ فِي حُكْمِ التَّحْرِيمِ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي إِخْوَتِهِنَّ: هَلْ يُقَالُ لِأَحَدِهِمْ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقِيلَ: يُقَالُ لِأَحَدِهِمْ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلَى هَذَا فَهَذَا الْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِمُعَاوِيَةَ، بَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٌ وَلَدَا (١) أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَعَاصِمٌ أَوْلَادُ عُمَرَ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ أَخُو جُوَيْرِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَخَوَا مُعَاوِيَةَ.


(١) أ: أَبْنَاءُ ; ب: ابْنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>