للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذُّنُوبِ، وَهُوَ لَا يُنَاقِشُ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ وَنِفَاقِهِمْ، بَلْ وَرُبَّمَا يَمْدَحُهُمْ وَيُعَظِّمُهُمْ، دَلَّ (١) عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ جَهْلًا وَظُلْمًا، إِنْ لَمْ يَنْتَهِ بِهِ جَهْلُهُ وَظُلْمُهُ إِلَى الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ تَنَاقُضَهُمْ أَنَّهُ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَّهُمْ سَمَّوْا هَذَا خَالَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يُسَمُّوا هَذَا خَالَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَقِيَّةَ مَنْ شَارَكَهُمَا (٢) فِي ذَلِكَ، وَهُمْ أَفْضَلُ مِنْهُمَا، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَمْثَالِهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يَخُصُّونَ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ (٣) الرَّافِضَةُ فَخَصُّوا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِالْمُعَارَضَةِ، وَلَيْسَ هُوَ قَرِيبًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي عَمَلِهِ وَدِينِهِ، بَلْ وَلَا هُوَ مِثْلَ أَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بَلْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَهُ صُحْبَةٌ وَفَضِيلَةٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ إِنَّمَا وُلِدَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَنْ تَغْتَسِلَ لِلْإِحْرَامِ وَهِيَ نُفَسَاءُ، وَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً، وَلَمْ يُدْرِكْ مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا خَمْسَ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ، وَصَفَرًا، وَأَوَائِلَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَلَا يَبْلُغُ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. وَمَاتَ أَبُوهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعُمْرُهُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صُحْبَةٌ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا قُرْبُ مَنْزِلَةٍ مِنْ أَبِيهِ، إِلَّا كَمَا يَكُونُ لِمِثْلِهِ مِنَ الْأَطْفَالِ، وَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ بِأُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، فَكَانَ رَبِيبَ عَلِيٍّ، وَكَانَ اخْتِصَاصُهُ بِعَلِيٍّ لِهَذَا السَّبَبِ.


(١) ب (فَقَطْ) : فَقَدْ دَلَّ.
(٢) مَنْ شَارَكَهُمَا: كَذَا فِي (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مَنْ يُشَارِكُهُمْ.
(٣) هَؤُلَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>