للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّفَاقِ النَّاسِ تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا قَبْلَ إِيمَانِهِمْ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَشَدَّ عَدَاوَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[مِنْ مُعَاوِيَةَ] (١) وَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، كَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بُغْضًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٢) وَهِجَاءً لَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ.

وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَ أَبُوهُ شَدِيدَ الْعَدَاوَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَلِكَ أَمُّهُ حَتَّى أَسْلَمَتْ، فَقَالَتْ: " «وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ (٣) الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يُذَلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يُعَزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ» " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (٤) .

وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ. فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ الَّذِي عَادُوهُ، كَأَبِي سُفْيَانَ وَهِنْدَ وَغَيْرِهِمَا، مَوَدَّةً، وَاللَّهُ قَدِيرٌ عَلَى تَبْدِيلِ الْعَدَاوَةِ بِالْمَوَدَّةِ، وَهُوَ غَفُورٌ لَهُمْ بِتَوْبَتِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ، رَحِيمٌ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ صَارُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.


(١) مِنْ مُعَاوِيَةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) (٢٢) : سَاقِطٌ مِنْ (و) .
(٣) ن، م، و: ظَهْرِ.
(٤) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي الْبُخَارِيِّ ٨/١٣١ (كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، بَابُ كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، ٥/٤٠ (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ ذِكْرِ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -) ; ٩/٦٦ (كِتَابُ الْأَحْكَامِ، بَابُ مَنْ رَأَى لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ. .) ; مُسْلِمٍ ٣/١٣٣٩ (كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ، بَابُ قَضِيَّةِ هِنْدٍ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٦/٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>