للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَأَلَّفُ السَّادَةَ الْمُطَاعِينَ فِي عَشَائِرِهِمْ] (١) ، فَإِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ هَارِبًا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ إِلَّا قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا مِنْ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ.

وَمَنْ كَانَتْ غَايَتُهُ أَنْ يُؤْمِنَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَأْلِيفٍ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: إِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " «قَصَّرْتُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَرْوَةِ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ [وَلَفْظُهُ: «أَعَلِمْتَ أَنِّي قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ؟ قَالَهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ لَهُ: لَا أَعْلَمُ هَذَا حُجَّةً إِلَّا عَلَيْكَ» ] (٢) . وَهَذَا قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَكِنَّ هَذَا خِلَافُ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ (٣) الْمُتَوَاتِرَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهَا كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ (٤) أَنْ يَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِهِمُ الْحِلَّ كُلَّهُ، وَيَصِيرُوا مُتَمَتِّعِينَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ. وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَدْ سَاقُوا


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (و) فَقَطْ. وَالْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي: الْبُخَارِيِّ ٢/١٧٤ (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ) ; مُسْلِمٍ ٢/٩١٣ (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ التَّقْصِيرِ فِي الْعُمْرَةِ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٢/٢١٧ ٢١٨ (كِتَابُ الْمَنَاسِكِ، بَابٌ فِي الْإِقْرَانِ) ; سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٥/١٩٦ ١٩٧ (كِتَابُ الْمَنَاسِكِ، بَابُ أَيْنَ يُقَصِّرُ الْمُعْتَمِرُ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٤/٩٦، ٩٧، ٩٨.
(٣) الْمَرْوِيَّةِ فِي: (ن) فَقَطْ.
(٤) ر، ص، هـ، و: أَمَرَ جَمِيعَ أَصْحَابِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>