للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ فَضَائِلُهُمْ، وَوَجَبَتْ مُوَالَاتُهُمْ وَمَحَبَّتُهُمْ. وَمَا وَقَعَ مِنْهُ مَا يَكُونُ لَهُمْ فِيهِ عُذْرٌ يَخْفَى عَلَى الْإِنْسَانِ، وَمِنْهُ مَا تَابَ صَاحِبُهُ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مَغْفُورًا. فَالْخَوْضُ فِيمَا شَجَرَ يُوقِعُ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بُغْضًا وَذَمًّا، وَيَكُونُ هُوَ فِي ذَلِكَ (١) مُخْطِئًا، بَلْ عَاصِيًا، فَيَضُرُّ نَفْسَهُ وَمَنْ خَاضَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ، كَمَا جَرَى لِأَكْثَرِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ ; فَإِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا بِكَلَامٍ لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ: إِمَّا مِنْ ذَمِّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ، وَإِمَّا مِنْ مَدْحِ أُمُورٍ لَا تَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ (٢) .

[وَلِهَذَا كَانَ] الْإِمْسَاكُ (٣) طَرِيقَةُ أَفَاضِلِ السَّلَفِ (٤) . وَأَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: [كَانَ مُعَاوِيَةُ فَاسِقًا دُونَ عَلِيٍّ، كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ كَانَ كَافِرًا، كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ الرَّافِضَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ:] (٥) كِلَاهُمَا كَافِرٌ: عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ، كَمَا يَقُولُهُ الْخَوَارِجُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فَسَقَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: [بَلْ] (٦) مُعَاوِيَةُ عَلَى الْحَقِّ وَعَلِيٌّ كَانَ ظَالِمًا، كَمَا تَقُولُهُ الْمَرْوَانِيَّةُ.

وَالْكِتَابُ - وَالسُّنَّةُ - قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُسْلِمُونَ، وَأَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ خَيْرًا مِنْ وُجُودِهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا


(١) أ، ب: فِي ذَلِكَ هُوَ: وَسَقَطَتْ " هُوَ " مِنْ (ص) .
(٢) ن، م: أَوْ مَدْحِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ.
(٣) ن، م، و: وَالْإِمْسَاكُ.
(٤) فِي (ر) ، (ص) :. . . السَّلَفِ كَمَا يُنْقَلُ عَنْ. وَبَعْدَ ذَلِكَ بَيَاضٌ بِمِقْدَارِ كَلِمَةٍ. وَكُتِبَ فِي هَامِشِ (ص) : " بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ ".
(٥) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

<<  <  ج: ص:  >  >>