للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا كَفَّارَةٍ، لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ مُتَأَوِّلًا. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: بَلْ كَانُوا أَسْلَمُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا، فَثَبَتَتْ فِي حَقِّهِمُ الْعِصْمَةُ الْمُؤَثِّمَةُ دُونَ الْمُضَمِّنَةِ، بِمَنْزِلَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَصِبْيَانِهِمْ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ. ثُمَّ إِنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ، كَمَالِكٍ [وَأَبِي حَنِيفَةَ] (١) وَأَحْمَدَ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ، وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يَقُولُونَ: إِنَّ أَهْلَ الْعَدْلِ وَالْبُغَاةِ إِذَا اقْتَتَلُوا بِالتَّأْوِيلِ لَمْ يَضْمَنْ هَؤُلَاءِ مَا أَتْلَفُوهُ لِهَؤُلَاءِ مِنَ النُّفُوسِ (٢) وَالْأَمْوَالِ حَالَ الْقِتَالِ، وَلَمْ يَضْمَنْ هَؤُلَاءِ مَا أَتْلَفُوهُ لِهَؤُلَاءِ (٣) .

كَمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٤) مُتَوَافِرُونَ، فَأَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ دَمٍ أَوْ مَالٍ أُصِيبَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ هَدَرٌ، أَنْزَلُوهُمْ (٥) مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِيَّةِ. يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَمْ يَكُنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا (٦) . وَإِنْ قِيلَ (٧) : إِنَّهُ مُحَرَّمٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَقَدْ ثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَوَاتِرَةِ وَاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ إِذَا قَتَلَ


(١) وَأَبِي حَنِيفَةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(٢) أ، ب، و، هـ، ر: مَا أَتْلَفُوا لِهَؤُلَاءِ مِنَ النُّفُوسِ ; ص: مَا أَتْلَفُوا لَا هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ مِنَ النُّفُوسِ. .
(٣) سَاقِطٌ مِنْ (ص) .
(٤) أ، ب: وَأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ.
(٥) ب (فَقَطْ) : أَنْزَلُوهُمْ.
(٦) أ، ب: يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مُحَرَّمًا، ن، م: لَمْ يَكُنْ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ قَتْلٌ مُحَرَّمٌ ; و: لَمْ يَكُنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ قَتْلٌ مُحَرَّمٌ.
(٧) ن: وَإِنْ قِيلَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>