للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الشَّرِّ أَعْظَمُ (١) مِمَّا حَصَلَ بِالِاقْتِتَالِ ; فَإِنَّهُ بِالِاقْتِتَالِ لَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْفُرْقَةُ وَلَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى إِمَامٍ، بَلْ سُفِكَتِ الدِّمَاءُ، وَقَوِيَتِ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ، وَضَعُفَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ، وَهِيَ طَائِفَةُ عَلِيٍّ، وَصَارُوا يَطْلُبُونَ مِنَ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى مِنَ الْمُسَالَمَةِ مَا [كَانَتْ] (٢) تِلْكَ تَطْلُبُهُ ابْتِدَاءً.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي تَكُونُ مَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مَفْسَدَتِهِ، يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ أَعْظَمُ مِمَّا يَحْصُلُ بِعَدَمِهِ (٣) . وَهُنَا لَمْ يَحْصُلْ بِالِاقْتِتَالِ مَصْلَحَةٌ، بَلْ كَانَ الْأَمْرُ مَعَ عَدَمِ الْقِتَالِ (٤) خَيْرًا وَأَصْلَحَ مِنْهُ بَعْدَ الْقِتَالِ، و [كَانَ] عَلِيٌّ وَعَسْكَرُهُ [أَكْثَرَ] وَأَقْوَى (٥) ، وَمُعَاوِيَةُ وَأَصْحَابُهُ أَقْرَبُ إِلَى مُوَافَقَتِهِ وَمُسَالَمَتِهِ (٦) وَمُصَالَحَتِهِ، فَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الِاجْتِهَادِ مَغْفُورًا لِصَاحِبِهِ، فَاجْتِهَادُ عُثْمَانَ أَنْ يَكُونَ مَغْفُورًا أَوْلَى وَأَحْرَى.

وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ وَأَعْوَانُهُ فَيَقُولُونَ: إِنَّمَا قَاتَلْنَا عَلِيًّا قِتَالَ دَفْعٍ عَنْ أَنْفُسِنَا وَبِلَادِنَا ; فَإِنَّهُ بَدَأَنَا (٧) بِالْقِتَالِ فَدَفَعْنَاهُ بِالْقِتَالِ وَلَمْ نَبْتَدِئْهُ بِذَلِكَ وَلَا اعْتَدَيْنَا عَلَيْهِ. فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: هُوَ الْإِمَامُ الَّذِي كَانَتْ تَجِبُ طَاعَتُهُ عَلَيْكُمْ وَمُبَايَعَتُهُ وَأَنْ لَا تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ. قَالُوا: مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِمَامٌ تَجِبُ طَاعَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الشِّيعَةِ إِنَّمَا يُعْلَمُ بِالنَّصِّ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ


(١) أ، ب: أَكْثَرُ.
(٢) كَانَتْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٣) مِمَّا يَحْصُلُ بِعَدَمِهِ: كَذَا فِي (ب) وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مِمَّا لَا يَحْصُلُ بِعَدَمِهِ.
(٤) ن، م، ص،: الِاقْتِتَالِ.
(٥) ن: وَعَلِيٌّ كَانَ وَعَسْكَرُهُ أَقْوَى ; ص: وَكَانَ عَلِيٌّ وَعَسْكَرُهُ أَقْوَى وَأَكْثَرَ.
(٦) ن، م، و: مُسَالَمَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ.
(٧) ن، م، و: بَدَأَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>