للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ جَوَّزَ خَلِيفَتَيْنِ (١) فِي وَقْتٍ يَقُولُ: كِلَاهُمَا خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ ; فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ فِي أَوَّلِ خِلَافَتِهِ مَحْمُودًا عِنْدَهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ فِي آخِرِهَا. وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ خِلَافَةَ عَلِيٍّ ثَبَتَتْ بِمُبَايَعَةِ أَهْلِ الشَّوْكَةِ، كَمَا ثَبَتَتْ خِلَافَةُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ بِذَلِكَ، أَوْرَدُوا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ طَلْحَةَ بَايَعَهُ مُكْرَهًا، وَالَّذِينَ بَايَعُوهُ قَاتَلُوهُ، فَلَمْ تَتَّفِقْ (٢) أَهْلُ الشَّوْكَةِ عَلَى طَاعَتِهِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّمَا تَجِبُ مُبَايَعَتُهُ كَمُبَايَعَةِ مَنْ قَبْلَهُ إِذَا سَارَ سِيرَةَ مَنْ قَبْلَهُ. وَأُولَئِكَ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى دَفْعِ الظُّلْمِ عَمَّنْ يُبَايِعُهُمْ، وَفَاعِلِينَ لِمَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ قَالُوا: إِذَا بَايَعْنَاهُ كُنَّا فِي وِلَايَتِهِ مَظْلُومِينَ بِوِلَايَتِهِ (٣) مَعَ الظُّلْمِ الَّذِي تَقَدَّمَ لِعُثْمَانَ، وَهُوَ لَا يُنْصِفُنَا إِمَّا لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ، وَإِمَّا تَأْوِيلًا مِنْهُ، وَإِمَّا لِمَا يَنْسُبُهُ إِلَيْهِ آخَرُونَ مِنْهُمْ ; فَإِنَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَحُلَفَاءَهُمْ أَعْدَاؤُنَا، وَهُمْ كَثِيرُونَ فِي عَسْكَرِهِ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ دَفْعِهِمْ، بِدَلِيلِ مَا جَرَى يَوْمَ الْجَمَلِ ; فَإِنَّهُ لَمَّا طَلَبَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ الِانْتِصَارَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، قَامَتْ قَبَائِلُهُمْ فَقَاتَلُوهُمْ (٤) .

وَلِهَذَا كَانَ الْإِمْسَاكُ عَنْ مِثْلِ هَذَا هُوَ الْمَصْلَحَةَ، كَمَا أَشَارَ بِهِ عَلِيٌّ عَلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّ الْقَتَلَةَ أَحَسُّوا بِاتِّفَاقِ الْأَكَابِرِ، فَأَثَارُوا الْفِتْنَةَ (٥) وَبَدَأُوا بِالْحَمْلَةِ عَلَى عَسْكَرِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَقَالُوا لِعَلِيٍّ: إِنَّهُمْ


(١) ن: خَلِيفَةً بِنَصٍّ مُعَيَّنٍ وَمَوْجُودٍ وَمِنْ جَوَازِ خَلِيفَتَيْنِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) ص: فَلَمْ يَبْقَوْا. .
(٣) بِوِلَايَتِهِ: سَاقِطَهٌ مِنْ (أ) ، (ب) . وَسَقَطَتْ عِبَارَةُ " مَظْلُومِينَ بِوِلَايَتِهِ " مِنْ (ن) ، (م) وَجَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي (ن) ، (م) ، (و) عِبَارَاتٌ بِمِقْدَارِ سَطْرٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا.
(٤) فَقَاتَلُوهُمْ: كَذَا فِي (ص) ، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: قَاتَلُوهُمْ.
(٥) ن، م، و: فَأَثَارُوا الْقِتَالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>