للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهِمَا إِلَّا خَلْفَ الْفَاجِرِ وَالْمُبْتَدِعِ صُلِّيَتْ خَلْفَهُ وَلَمْ تُعَدْ، وَإِنْ أَمْكَنَ الصَّلَاةُ خَلْفَ غَيْرِهِ (١) ، وَكَانَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ هَجْرٌ لَهُ، لِيَرْتَدِعَ هُوَ وَأَمْثَالُهُ بِهِ عَنِ الْبِدْعَةِ وَالْفُجُورِ، فُعِلَ ذَلِكَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ مَصْلَحَةٌ دِينِيَّةٌ صُلِّيَ خَلْفَهُ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ مَرَّتَيْنِ.

فَفِي الْجُمْلَةِ أَهْلُ السُّنَّةِ يَجْتَهِدُونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ: ١٦] وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» " (٢) ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَلَاحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِالصَّلَاحِ وَنَهَى عَنِ الْفَسَادِ، فَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ فِيهِ صَلَاحٌ وَفَسَادٌ رَجَّحُوا الرَّاجِحَ مِنْهُمَا، فَإِذَا كَانَ صَلَاحُهُ أَكْثَرَ مِنْ فَسَادِهِ رَجَّحُوا فِعْلَهُ، وَإِنْ كَانَ فَسَادُهُ أَكْثَرَ مِنْ صَلَاحِهِ رَجَّحُوا تَرْكَهُ.

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا. فَإِذَا تَوَلَّى خَلِيفَةٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ، كَيَزِيدَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَالْمَنْصُورِ وَغَيْرِهِمْ، * فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ مَنْعُهُ مِنَ الْوِلَايَةِ وَقِتَالُهُ حَتَّى يُوَلَّى (٣) غَيْرُهُ * (٤) كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَرَى السَّيْفَ، فَهَذَا رَأْيٌ فَاسِدٌ، فَإِنَّ مَفْسَدَةَ هَذَا (٥) أَعْظَمُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ. وَقَلَّ مَنْ خَرَجَ عَلَى إِمَامٍ ذِي سُلْطَانٍ إِلَّا كَانَ


(١) ن، م: غَيْرِهِمْ.
(٢) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ ١/٥٥١.
(٣) ن، م: يَتَوَلَّى.
(٤) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .
(٥) أ، ب، هـ، ر، ص: فَإِنَّ مَفْسَدَتَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>