للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: إِنَّ عَلِيًّا وَالْحُسَيْنَ إِنَّمَا تَرَكَا الْقِتَالَ [فِي آخِرِ الْأَمْرِ] (١) لِلْعَجْزِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْصَارٌ (٢) ، فَكَانَ فِي الْمُقَاتَلَةِ قَتْلُ النُّفُوسِ بِلَا حُصُولِ الْمَصْلَحَةِ الْمَطْلُوبَةِ.

قِيلَ لَهُ: وَهَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ الْحِكْمَةُ الَّتِي رَاعَاهَا الشَّارِعُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّهْيِ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى الْأُمَرَاءِ، وَنَدَبَ إِلَى تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ، وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُونَ لِذَلِكَ يَرَوْنَ أَنَّ مَقْصُودَهُمُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، كَالَّذِينَ خَرَجُوا بِالْحَرَّةِ وَبِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ عَلَى يَزِيدَ وَالْحَجَّاجِ وَغَيْرِهِمَا.

لَكِنْ إِذَا لَمْ يُزَلِ الْمُنْكَرُ إِلَّا بِمَا هُوَ أَنْكَرُ مِنْهُ، صَارَ (٣) إِزَالَتُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُنْكَرًا، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلِ الْمَعْرُوفُ إِلَّا بِمُنْكَرٍ مَفْسَدَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ مَصْلَحَةِ ذَلِكَ الْمَعْرُوفِ، كَانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْمَعْرُوفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُنْكَرًا.

وَبِهَذَا الْوَجْهِ صَارَتِ الْخَوَارِجُ تَسْتَحِلُّ السَّيْفَ (٤) عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ، حَتَّى قَاتَلَتْ عَلِيًّا وَغَيْرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ مَنْ وَافَقَهُمْ فِي الْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّةِ بِالسَّيْفِ [فِي الْجُمْلَةِ] (٥) مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، كَالَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، وَأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [بْنِ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ] (٦) وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ أَهْلَ الدِّيَانَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ يَقْصِدُونَ تَحْصِيلَ مَا يَرَوْنَهُ دِينًا.


(١) فِي آخِرِ الْأَمْرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(٢) ن: أَبْصَارٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) ب: صَارَتْ ; ن: فَصَارَ.
(٤) أ، ب: يَسْتَحِلُّونَ السَّيْفَ ; ص: تَسْتَحِلُّ سَلَّ السَّيْفِ.
(٥) فِي الْجُمْلَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>