للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَاتِهِ لَا يُوجِبُهَا إِلَّا مَعَ الْحَوَادِثِ، فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لَهَا قَطُّ إِلَّا مَعَ فِعْلٍ (١) حَادِثٍ يَقُومُ بِهِ، وَإِذَا كَانَ لَا يَفْعَلُ إِلَّا بِفِعْلٍ حَادِثٍ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ (٢ قَدِيمًا ; لِأَنَّ قِدَمَ الْمَفْعُولِ ٢) (٢) يَقْتَضِي قِدَمَ الْفِعْلِ بِالضَّرُورَةِ.

وَإِذَا قِيلَ: فِعْلُ الْمَلْزُومِ قَدِيمٌ، وَفِعْلُ الْحَوَادِثِ حَادِثٌ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لَزِمَ أَنْ يَقُومَ بِذَاتِ الْفَاعِلِ فِعْلَانِ: أَحَدُهُمَا: فِعْلٌ لِلذَّاتِ الْقَدِيمَةِ، وَهُوَ قَدِيمٌ بِقِدَمِهَا دَائِمٌ بِدَوَامِهَا، وَالْآخَرُ: أَفْعَالٌ لِحَوَادِثِهَا، وَهِيَ حَادِثَةٌ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَتَكُونُ ذَاتُ الْفَاعِلِ فَاعِلَةً لِلْمَلْزُومِ بِفِعْلٍ، وَفَاعِلَةً لِلَّازِمِ بِفِعْلٍ آخَرَ أَوْ أَفْعَالٍ، وَفِعْلُهَا لِلْمَلْزُومِ يُوجِبُ فِعْلَهَا لِلَّازِمِ لِامْتِنَاعِ انْفِكَاكِ الْمَلْزُومِ عَنِ اللَّازِمِ، وَإِرَادَتُهَا لِلْمَلْزُومِ تُوجِبُ إِرَادَتَهَا لِلَّازِمِ ; لِأَنَّ الْمُرِيدَ لِلْمَلْزُومِ الْعَالِمِ بِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ إِنْ لَمْ يُرِدِ اللَّازِمَ لَكَانَ إِمَّا غَيْرَ مُرِيدٍ لِوُجُودِ الْمَلْزُومِ، وَإِمَّا غَيْرَ عَالِمٍ بِالْمَلْزُومِ.

وَالرَّبُّ تَعَالَى مُرِيدٌ لِلْمَلْزُومِ (٣) ، وَعَالِمٌ بِالْمَلْزُومِ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يُرِيدَ الْمَلْزُومَ دُونَ اللَّازِمِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيمَا يُرِيدُ إِحْدَاثَهُ، وَيُرِيدُ أَنْ يُحْدِثَ لَهُ حَوَادِثَ مُتَعَاقِبَةً، كَمَا يُحْدِثُ الْإِنْسَانَ وَيُحْدِثُ لَهُ أَحْوَالًا مُتَجَدِّدَةً شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَيُحْدِثُ الْأَفْلَاكَ، وَيُحْدِثُ حَوَادِثَهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لَكِنَّهُ إِذَا فُرِضَ أَنَّ الْمَلْزُومَ غَيْرُ مُحْدِثٍ لَهُ لَمْ يُعْقَلْ كَوْنُهُ مَفْعُولًا لَهُ، وَلَا يُعْقَلُ [أَيْضًا] (٤) كَوْنُهُ مَعْلُولًا لَهُ قَدِيمًا بِقِدَمِهِ، فَإِنَّ الْمَعْلُولَ لَهُ صِفَاتٌ وَمَقَادِيرٌ


(١) فِعْلٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(٢) (٢ - ٢) : سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(٣) ن، م: بِالْمَلْزُومِ.
(٤) أَيْضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>