للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا جَاءَ (١)

فِي حَدِيثِ عُمَرَ لَمَّا سَأَلَ عَنِ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ، وَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. فَقَالَ: أَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ فَقَالَ: بَلْ يُكْسَرُ. فَقَالَ: لَوْ كَانَ يُفْتَحُ لَكَادَ يُعَادُ (٢)

. وَكَانَ عُمَرُ هُوَ الْبَابَ، فَقُتِلَ عُمَرُ، وَتَوَلَّى عُثْمَانُ، فَحَدَثَتْ أَسْبَابُ الْفِتْنَةِ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ، حَتَّى قُتِلَ وَانْفَتَحَ بَابُ الْفِتْنَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحَدَثَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِتْنَةُ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ، وَلَا يُقَاسُ رِجَالُهُمَا بِأَحَدٍ، فَإِنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ بَعْدَهُمْ.

وَكَذَلِكَ فِتْنَةُ الْحَرَّةِ وَفِتْنَةُ ابْنِ الْأَشْعَثِ، كَانَ فِيهَا مِنْ خِيَارِ التَّابِعِينَ مَنْ لَا يُقَاسُ بِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ. وَلَيْسَ فِي وُقُوعِ هَذِهِ الْفِتَنِ فِي تِلْكَ الْأَعْصَارِ مَا يُوجِبُ أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الْعَصْرِ كَانُوا شَرًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، بَلْ فِتْنَةُ كُلِّ زَمَانٍ بِحَسَبِ رِجَالِهِ.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» " (٣) .

وَفِتَنُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَانِ بِحَسَبِ أَهْلِهِ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: " «كَمَا تَكُونُونَ يُوَلَّى عَلَيْكُمْ» " (٤)

. وَفِي أَثَرٍ آخَرَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ( «أَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَلِكُ


(١) جَاءَ فِي (ن) فَقَطْ.
(٢) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رِضَى اللَّهِ عَنْهُ - جَاءَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْهَا: ٩/٥٤ (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ) . وَهُوَ فِي: مُسْلِمٍ ١/١٢٨ ١٣٠ (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا) . وَالْحَدِيثُ فِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالْمُسْنَدِ.
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ ٢/٣٥.
(٤) رَوَاهُ السُّيُوطِيُّ بِلَفْظِ " كَمَا تَكُونُوا يُوَلَّى عَلَيْكُمْ " وَذَكَرَ " ضَعِيفُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " ٤/١٦٠ وفر (مُسْنَدُ الْفِرْدَوْسِ لِلدَّيْلَمِيِّ) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، هب (الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) عَنْ أَبِي إِسْحَاقِ السَّبِيعِيِّ مُرْسَلًا " وَضَعَّفَهُ الْأَلْبَانِيُّ وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي " سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ وَالْمَوْضُوعَةِ " ١/٣٢٨ ٣٢٩. وَذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي " الدُّرَرِ الْمُنْتَثِرَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ "، ص ١٦٢، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ مُحَمَّد لُطْفِي الصَّبَّاغ، (ط. الرِّيَاضِ) ، ١٤٠٣/١٩٨٣ وَانْظُرْ كَلَامَ الْأُسْتَاذِ الْمُحَقِّقِ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>