للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الذُّبَابَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ تَسْأَلُونِي عَنْ قَتْلِ الذُّبَابِ، وَقَدْ قَتَلْتُمُ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا» " (١) .

وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ مَجْهُولٍ أَنَّ هَذَا كَانَ قُدَّامَ يَزِيدَ، وَأَنَّ الرَّأْسَ حُمِلَ إِلَيْهِ (٢) ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي نَكَتَ عَلَى ثَنَايَاهُ. وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَإِنَّ الَّذِينَ حَضَرُوا نَكْتَهُ بِالْقَضِيبِ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَكُونُوا بِالشَّامِ وَإِنَّمَا كَانُوا بِالْعِرَاقِ. وَالَّذِي نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ يَزِيدَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ، وَلَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي ذَلِكَ، بَلْ كَانَ يَخْتَارُ أَنْ يُكْرِمَهُ وَيُعَظِّمَهُ، كَمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَكِنْ كَانَ يَخْتَارُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الْوِلَايَةِ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْحُسَيْنُ وَعَلِمَ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَخْذُلُونَهُ وَيُسْلِمُونَهُ، طَلَبَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى يَزِيدَ، أَوْ يَرْجِعَ إِلَى وَطَنِهِ، أَوْ يَذْهَبَ إِلَى الثَّغْرِ، فَمَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَأْسِرَ، فَقَاتَلُوهُ حَتَّى قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَّ خَبَرَ قَتْلِهِ لَمَّا بَلَغَ يَزِيدَ وَأَهْلَهُ سَاءَهُمْ ذَلِكَ، وَبَكَوْا عَلَى قَتْلِهِ، وَقَالَ يَزِيدُ: لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ - يَعْنِي عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ -[أَمَّا] وَاللَّهِ


(١) الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي: الْبُخَارِيِّ ٥/٢٧ (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. .، بَابُ مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ. . .) ، ٨/٧ (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ رَحْمَةِ الْوَلَدِ وَتَقْبِيلِهِ وَمُعَانَقَتِهِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ٥/٣٢٢ (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ. . . وَالْحُسَيْنِ. .) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ٧/٣١١ ٣١٢. وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ " فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ ٢/٧٨١ ٧٨٢ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ: " وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْكَجِّيِّ. . وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ (مِنْحَةُ الْمَعْبُودِ ٢/١٩٢) ".
(٢) عِبَارَةُ " وَأَنَّ الرَّأْسَ حُمِلَ إِلَيْهِ " جَاءَتْ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ مَا عَدَا (أ) ، (ب) بَعْدَ الْعِبَارَةِ التَّالِيَةِ " وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي نَكَتَ عَلَى ثَنَايَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>