للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَحَرِّكَ الْأَزَلِيَّ يُوجِبُ مُتَحَرِّكًا أَزَلِيًّا لَمْ يُوجِبْ] (١) إِلَّا مَا يُنَاسِبُهُ، وَأَمَّا الْمُتَحَرِّكَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي قَدْرِهَا وَصِفَاتِهَا وَحَرَكَاتِهَا فَيَمْتَنِعُ صُدُورُهَا عَنْ مُتَحَرِّكٍ حَرَكَةً مُتَشَابِهَةً.

وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْمَفْعُولَ الْمَخْلُوقَ مُفْتَقِرٌ إِلَى الْفَاعِلِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا مِنَ الْفَاعِلِ، وَالْفَاعِلُ الْخَالِقُ غَنِيٌّ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَاقْتِرَانُهُمَا (٢) أَزَلًا وَأَبَدًا يَمْنَعُ كَوْنَ أَحَدِهِمَا فَاعِلًا غَنِيًّا وَالْآخَرِ مَفْعُولًا فَقِيرًا، بَلْ يَمْنَعُ كَوْنَهُ مُتَوَلِّدًا عَنْهُ، وَيُوجِبُ كَوْنَهُ صِفَةً لَهُ، فَإِنَّ الْوَلَدَ وَإِنْ تَوَلَّدَ عَنْ وَالِدِهِ بِغَيْرِ قُدْرَتِهِ [وَإِرَادَتِهِ] (٣) ، وَاخْتِيَارِهِ وَمَشِيئَتِهِ (٤) ، فَهُوَ حَادِثٌ عَنْهُ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمُتَوَلَّدِ عَنِ الشَّيْءِ مُلَازِمًا لِلْمُتَوَلِّدِ عَنْهُ مُقَارِنًا لَهُ فِي وُجُودِهِ، فَهَذَا أَيْضًا لَا يُعْقَلُ.

وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ أَوْلَادُ اللَّهِ وَإِنَّهُمْ بَنَاتُهُ، مَعَ مَا فِي قَوْلِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ (٥) ، فَقَوْلُ هَؤُلَاءِ أَكْفَرُ مِنْهُ مِنْ وُجُوهٍ، فَإِنَّ أُولَئِكَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ حَادِثَةٌ كَائِنَةٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ (٦) اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَكُونُوا يَقُولُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ.

وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَقُولُونَ: إِنَّ الْعُقُولَ وَالنُّفُوسَ - الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْمَلَائِكَةَ،


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٢) أ، ب: وَاقْتِرَانُهَا.
(٣) وَإِرَادَتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) وَمَشِيئَتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٥) ن، م: مِنَ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ.
(٦) إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>