للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ غَزَاهُ (١) أَهْلُ الشَّامِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، تَرَكَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، حَتَّى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ، يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ (٢) عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ: أَنْقُضُهَا ثُمَّ أَبْنِي (٣) بِنَاءَهَا (٤) أَمْ أُصْلِحُ مَا وَهَى مِنْهَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: فَإِنِّي قَدْ فُرِقَ لِي فِيهَا رَأْيٌ (٥) أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى مِنْهَا (٦) وَتَدَعَ بَيْتًا (٧) أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَأَحْجَارًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، وَبُعِثَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوْ كَانَ أَحَدُكُمُ احْتَرَقَ بَيْتُهُ مَا رَضِيَ حَتَّى يُجِدَّهُ (٨) . فَكَيْفَ بَيْتُ (٩) رَبِّكُمْ؟ إِنِّي مُسْتَخِيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا، ثُمَّ عَازِمٌ عَلَى أَمْرِي. فَلَمَّا مَضَتْ (١٠) الثَّلَاثُ أَجْمَعَ أَمْرَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا، فَتَحَامَاهُ النَّاسُ أَنْ يَنْزِلَ بِأَوَّلِ النَّاسِ يَصْعَدُ فِيهِ أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى صَعِدَهُ رَجُلٌ فَأَلْقَى مِنْهُ حِجَارَةً، فَلَمَّا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ أَصَابَهُ شَيْءٌ تَتَابَعُوا، فَنَقَضُوهُ حَتَّى بَلَغُوا الْأَرْضَ، فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً فَسَتَرَ عَلَيْهَا السُّتُورَ، حَتَّى ارْتَفَعَ بِنَاؤُهُ. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ (١١) عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى


(١) مُسْلِمٌ: غَزَاهَا.
(٢) ن: يُحَرِّبَهُمْ، وَهَى رِوَايَةٌ فِي مُسْلِمٍ جَعَلَهَا بَيْنَ قَوْسَيْنِ.
(٣) ص، ر، ب، هـ: أُثَنِي.
(٤) ن، م: بَابَهَا.
(٥) مُسْلِمٌ: رَأْيٌ فِيهَا.
(٦) ب (فَقَطْ) مِنْهَا مَا وَهَى.
(٧) أ: بِنَاهَا، ب: بِنَاءً.
(٨) أ، ب، ص،: يُجَدِّدَهُ. وَيُجِدَّهُ: أَيْ يَجْعَلَهُ جَدِيدًا.
(٩) ن، ص، ر، ب، و: بِبَيْتِ.
(١٠) مُسْلِمٌ: مَضَى.
(١١) مُسْلِمٌ ٢/٩٧١: وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنِّي سَمِعْتُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>