للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالنَّجَاشِيُّ وَأَمْثَالُهُ سُعَدَاءُ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَلْتَزِمُوا (١) مَعَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْتِزَامِهِ، بَلْ كَانُوا يَحْكُمُونَ بِالْأَحْكَامِ الَّتِي يُمْكِنُهُمُ الْحُكْمُ بِهَا، وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ١٩٩] . وَهَذِهِ الْآيَةُ قَدْ قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ. وَيُرْوَى هَذَا عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ (٢) ، كَمَا قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، وَهَذَا مُرَادُ الصَّحَابَةِ، لَكِنْ (٣) هُوَ الْمُطَاعُ ; فَإِنَّ لَفْظَ الْآيَةِ لَفْظُ الْجَمْعِ لَمْ يُرَدْ بِهَا وَاحِدٌ، وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ وَثَلَاثِينَ مِنْ أَهْلِ (٤) الْحَبَشَةِ، وَثَمَانِيَةٍ مِنَ الرُّومِ كَانُوا (٥) عَلَى دِينِ عِيسَى فَآمَنُوا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٦) .


(١) و: لَمْ يَلْزَمُوا.
(٢) و: وَفِي الصَّحَابَةِ.
(٣) ب: وَلَكِنْ.
(٤) أَهْلِ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(٥) ب: وَكَانُوا.
(٦) انْظُرْ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: الدُّرَّ الْمَنْثُورَ لِلسُّيُوطِيِّ ٢/١١٣؛ وَذَكَرَ مِنْ وُجُوهِ تَأْوِيلِ الْآيَةِ: وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ وَفِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ آمَنُوا بِنَبِيِّ اللَّهِ وَصَدَّقُوا بِهِ. وَانْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ ط. الْمَعَارِفِ ٧/٤٩٦ - ٥٠٠، زَادَ الْمَسِيرِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ ١/٥٣٢ - ٥٣٣ وَذَكَرَ الْوَجْهَ الرَّابِعَ مِنْ وُجُوهِ تَأْوِيلِ الْآيَةِ: فِي أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ، وَثَلَاثِينَ مِنَ الْحَبَشَةِ، وَثَمَانِيَةٍ مِنَ الرُّومِ كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى فَآمَنُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَهُ عَطَاءٌ. وَانْظُرْ: تَفْسِيرَ ابْنِ عَطِيَّةَ: الْمُحَرَّرُ الْوَجِيزُ فِي تَفْسِيرِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، لِلْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْحَقِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ عَطِيَّةَ الْأَنْدَلُسِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ ٥٤٦ هـ، تَحْقِيقُ الْمَجْلِسِ الْعِلْمِيِّ، فَاسَ الْمَغْرِبِ، ١٣٩٧ ١٩٧٧ ص ٣٢٧ - ٣٢٨ وَانْظُرْ: تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ ط. الشَّعْبِ ٢/١٦٨ - ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>