للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ أَمْرِ النَّجَّاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانُوا مُتَظَاهِرِينَ بِكَثِيرٍ مِمَّا عَلَيْهِ النَّصَارَى ; فَإِنَّ أَمْرَهُمْ قَدْ يَشْتَبِهُ، وَلِهَذَا ذَكَرُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ (١) صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ قَائِلٌ: نُصَلِّي عَلَى هَذَا الْعِلْجِ النَّصْرَانِيِّ وَهُوَ فِي أَرْضِهِ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. هَذَا مَنْقُولٌ عَنْ جَابِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ بَاشَرُوا الصَّلَاةَ عَلَى النَّجَاشِيِّ (٢) .

وَهَذَا بِخِلَافِ ابْنِ سَلَامٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ; فَإِنَّهُ إِذَا صَلَّى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ. وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ فِيهِمْ مُنَافِقٌ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا نَزَلَ (٣) فِي حَقِّ ابْنِ أُبَيٍّ وَأَمْثَالِهِ، وَأَنَّ مَنْ هُوَ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ قَدْ يَكُونُ مُؤْمِنًا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَالنَّجَاشِيِّ.

وَيُشْبِهُ هَذِهِ الْآيَةَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَهْلَ الْكِتَابِ فَقَالَ: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ - لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ - ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَمَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ - لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ - يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}


(١) النَّجَاشِيُّ: زِيَادَةٌ فِي (ح)
(٢) ن، م: الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وَانْظُرِ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَ صَفَحَاتٍ ص ١١٢
(٣) ر، ح، ي: كَمَا نَزَلَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>