للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَإِنْ قُتِلَ (١) وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِمَا يُحْكَمُ عَلَى الْكُفَّارِ، فَاللَّهُ يَبْعَثُهُ عَلَى نِيَّتِهِ. كَمَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مِنَّا يُحْكَمُ لَهُمْ فِي الظَّاهِرِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ (٢) وَيُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ، فَالْجَزَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا فِي الْقُلُوبِ لَا عَلَى مُجَرَّدِ الظَّوَاهِرِ (٣) .

وَلِهَذَا رُوِيَ «أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنْتُ مُكْرَهًا. قَالَ: " أَمَّا ظَاهِرُكَ فَكَانَ عَلَيْنَا، وَأَمَّا سَرِيرَتُكَ فَإِلَى اللَّهِ» " (٤) .

وَبِالْجُمْلَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْكُفْرِ، وَقَدْ آمَنَ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنِ الْهِجْرَةِ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرَائِعِ مَا يَعْجِزُ عَنْهَا، بَلِ الْوُجُوبُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَهُ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ مُدَّةً لَمْ يُصَلِّ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْوَاجِبَاتِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَدَاءِ


(١) ن، م، و، أ: قُوتِلَ.
(٢) ن: بِالظَّاهِرِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، ح: فِي الظَّاهِرِ بِالْإِسْلَامِ.
(٣) ن، م: الظَّاهِرِ.
(٤) لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَكِنْ أَوْرَدَ أَحْمَدُ فِي مَسْنَدِهِ ط. الْمَعَارِفِ ٥/١٠٥ - ١٠٦ حَدِيثًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا جَاءَ فِيهِ أَنَّ أَبَا الْيُسْرِ بْنَ عَمْرٍو أَسَرَ الْعَبَّاسَ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا عَبَّاسُ افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ، وَقَالَ (الْعَبَّاسُ) : إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اسْتَكْرَهُونِي، قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِشَأْنِكَ، إِنْ يَكُ مَا تَدَّعِي حَقًّا فَاللَّهُ يَجْزِيكَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا،. . . الْحَدِيثَ، قَالَ أَحْمَد شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ: " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>