للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَّمَ - مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الشِّرْعَةِ وَالْمِنْهَاجِ (١) ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَحَذَّرَهُ أَنْ يَفْتِنُوهُ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ، وَمَنِ ابْتَغَى غَيْرَهُ فَقَدِ ابْتَغَى حُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ ٤٤] .

وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَ الْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ (٢) فَهُوَ كَافِرٌ، فَمَنِ اسْتَحَلَّ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا يَرَاهُ هُوَ عَدْلًا مِنْ غَيْرِ اتِّبَاعٍ لِمَا أَنْزَلَ (٣) اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ ; فَإِنَّهُ مَا مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا وَهِيَ تَأْمُرُ بِالْحُكْمِ بِالْعَدْلِ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَدْلُ فِي دِينِهَا مَا رَآهُ أَكَابِرُهُمْ، بَلْ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ يَحْكُمُونَ بِعَادَاتِهِمُ الَّتِي لَمْ يُنْزِلْهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كَسَوَالِفِ الْبَادِيَةِ، وَكَأَوَامِرِ الْمُطَاعِينَ فِيهِمْ (٤) ، وَيَرَوْنَ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِهِ دُونَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَهَذَا هُوَ الْكُفْرُ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ أَسْلَمُوا، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَا يَحْكُمُونَ إِلَّا بِالْعَادَاتِ الْجَارِيَةِ لَهُمُ الَّتِي يَأْمُرُ بِهَا الْمُطَاعُونَ، فَهَؤُلَاءِ إِذَا عَرَفُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ إِلَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَلَمْ يَلْتَزِمُوا ذَلِكَ، بَلِ اسْتَحَلُّوا أَنْ يَحْكُمُوا بِخِلَافِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَهُمْ كُفَّارٌ، وَإِلَّا كَانُوا جُهَّالًا، كَمَنْ تَقَدَّمَ أَمْرُهُمْ (٥) .

وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ إِذَا تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ أَنْ يَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ


(١) ح، ر: وَالْمَنَاهِجِ.
(٢) ر: عَلَى رُسُلِهِ.
(٣) و: لِمَا أَنْزَلَهُ.
(٤) فِيهِمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٥) أَمْرُهُمْ: كَذَا فِي (ن) ، (م) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: أَمْرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>