للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ مِنْ بَابِ الْغَيْبَةِ الْمَذْمُومَةِ.

لَكِنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ (١) أَعْظَمُ حُرْمَةً، وَأَجَلُّ قَدْرًا، وَأَنْزَهُ أَعْرَاضًا. وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ فَضَائِلِهِمْ خُصُوصًا وَعُمُومًا مَا لَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِمْ، فَلِهَذَا كَانَ الْكَلَامُ الَّذِي فِيهِ ذَمُّهُمْ عَلَى مَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ أَعْظَمَ إِثْمًا مِنَ الْكَلَامِ فِي غَيْرِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ (٢) تَسُبُّونَ الرَّافِضَةَ وَتَذُمُّونَهُمْ وَتَذْكُرُونَ عُيُوبَهُمْ.

قِيلَ: ذِكْرُ الْأَنْوَاعِ الْمَذْمُومَةِ غَيْرُ ذِكْرِ الْأَشْخَاصِ الْمُعَيَّنَةِ ; فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ أَنْوَاعًا كَثِيرَةً، كَقَوْلِهِ: " «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا، وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا» (٣) " وَ " «لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ» " (٤) ، وَ " «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ» " (٥) وَقَالَ: " «الْمَدِينَةُ


(١) ن، م، أ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ي، ر: رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.
(٢) ن: فَأَنْتُمْ فِيهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَ: فَأَنْتُمْ فِي هَذَا الْمَكَانِ.
(٣) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٥٦٨ - ٥٦٩
(٤) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٥٦٨
(٥) الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي مُسْلِمٍ ٣/١٥٦٧ كِتَابُ الْأَضَاحِيِّ، بَابُ تَحْرِيمِ الذَّبْحِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَعْنِ فَاعِلِهِ وَنَصُّ الرِّوَايَةِ الْأُولَى حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ عُمَرُ بْنُ وَاثِلَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا يَكْتُمُهُ النَّاسَ، غَيْرَ أَنَّهُ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ: قَالَ: فَقَالَ: مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَلَدَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ) . قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ ١٣/١٤١: الْمُرَادُ بِمَنَارِ الْأَرْضِ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَامَاتُ حُدُودِهَا، وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٧/٢٠٤ - ٢٠٥ كِتَابُ الضَّحَايَا، بَابُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، الْمُسْنَدَ ط. الْمَعَارِفِ ٢/١٥٦ وَالْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ ٣/٢٦٦، ٤/٢٩٢ - ٢٩٣، ٣٢٦ - ٣٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>