للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِالْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ إِذَا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ بِعَدُوٍّ كَافِرٍ كَانُوا مَعَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كَمَا جَرَى لِجَنْكِزْخَانَ (١) مَلِكِ التَّتَرِ (٢) الْكُفَّارِ، فَإِنَّ الرَّافِضَةَ أَعَانَتْهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (٣) .

وَأَمَّا إِعَانَتُهُمْ لِهُولَاكُو ابْنِ ابْنِهِ لَمَّا جَاءَ إِلَى خُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ فَهَذَا أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، فَكَانُوا بِالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْصَارِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (٤) ، وَكَانَ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ بِبِغَدْادَ (٥) الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ مِنْهُمْ (٦) ، فَلَمْ يَزَلْ يَمْكُرُ بِالْخَلِيفَةِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَسْعَى فِي قَطْعِ أَرْزَاقِ عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَضَعْفِهِمْ، وَيَنْهَى الْعَامَّةَ عَنْ قِتَالِهِمْ، وَيَكِيدُ أَنْوَاعًا مِنَ الْكَيْدِ، حَتَّى دَخَلُوا فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا يُقَالُ: إِنَّهُ بِضْعَةَ عَشْرَ أَلْفِ أَلْفِ إِنْسَانٍ، أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ، وَلَمْ يُرَ فِي الْإِسْلَامِ مَلْحَمَةٌ مِثْلَ مَلْحَمَةِ التُّرْكِ الْكُفَّارِ الْمُسَمَّيْنَ بِالتَّتَرِ، وَقَتَلُوا الْهَاشِمِيِّينَ وَسَبَوْا نِسَاءَهُمْ مِنَ الْعَبَّاسِيِّينَ وَغَيْرِ الْعَبَّاسِيِّينَ (٧) ، فَهَلْ يَكُونُ مُوَالِيًا لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يُسَلِّطُ الْكُفَّارَ عَلَى قَتْلِهِمْ وَسَبْيِهِمْ وَعَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ؟ .


(١) ن: لِجَنْكِشْخَانَ، ي، ر، أ، م: لِجَنْكِسْخَانَ.
(٢) مَلِكِ التَّتَرِ: كَذَا فِي (ن) ، (م) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مَلِكِ التُّرْكِ.
(٣) انْظُرْ عَنْ غَزْوِ جَنْكِزْخَانَ لِمَنَاطِقَ مِنَ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ أَحْدَاثَ سَنَةِ ٦١٧ هـ فِي تَارِيخِ ابْنِ الْأَثِيرِ ١٢/١٣٧ - ١٥٣ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ ١٣/٨٦ - ٩١ وَقَدْ تُوُفِّيَ جَنْكِزْخَانَ سَنَةَ ٦٢٤ وَانْظُرْ عَنْهُ: الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةَ ١٣/١١٧ - ١٢١ ; دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ مَقَالَةَ بَارُتُولْدَ.
(٤) ح، ب: بَاطِنًا وَظَاهِرًا.
(٥) بِبَغْدَادَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) .
(٦) الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ مِنْهُمْ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ.
(٧) ن، م: وَغَيْرِهِمْ، وَانْظُرْ مَا سَبَقَ أَنْ ذَكَرْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ، ص ٢١ (م) وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيبُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُنْتَقَى مِنْ مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ ص [٠ - ٩] ٢٥ - ٣٢٦ حَيْثُ نَقَلَ عَنِ الْخُوَانَسَارِيِّ فِي كِتَابِهِ رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ ص ٥٧٨ عِنْدَ تَرْجَمَةِ نَصِيرِ الدِّينِ الطُّوسِيِّ قَوْلَهُ عَنْهُ: وَمَجِيئُهُ فِي مَوْكِبِ السُّلْطَانِ الْمُؤَيَّدِ هُولَاكُو مَعَ كَمَالِ الِاسْتِعْدَادِ إِلَى دَارِ السَّلَامِ بَغْدَادَ، لِإِرْشَادِ الْعُبَّادِ وَإِصْلَاحِ الْعِبَادِ، وَقَطْعِ دَابِرِ سِلْسِلَةِ الْبَغِيِّ وَالْفَسَادِ، وَإِخْمَادِ ثَائِرَةِ الْجَوْرِ وَالْإِلْبَاسِ، بِإِبَادَةِ دَائِرَةِ مُلْكِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَإِيقَاعِ الْقَتْلِ الْعَامِّ، مِنْ أَتْبَاعِ أُولَئِكَ الطَّغَامِ، إِلَى أَنْ أَسَالَ دِمَاءَهُمُ الْأَقْذَارَ، كَأَمْثَالِ الْأَنْهَارِ، فَانْهَارَ بِهَا فِي مَاءِ دِجْلَةَ، وَمِنْهَا إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَارِ الْبَوَارِ، وَمَحَلِّ الْأَشْقِيَاءِ وَالْأَشْرَارِ. وَانْظُرْ تَعْلِيقَ الْأُسْتَاذِ مُحِبِّ الدِّينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِي ص ٢٠ مِنَ الْكِتَابِ، وَانْظُرْ تَعْلِيقَهُ فِي هَامِشِ ص ٣٢٦ - ٣٢٧ عَلَى ابْنِ الْعَلْقَمِيِّ وَكَلَامَهُ عَلَى دَوْرِهِ فِي تَحْرِيضِ هُولَاكُو عَلَى الزَّحْفِ عَلَى بَغْدَادَ وَخِدَاعِهِ لِلْخَلِيفَةِ الْمُسْتَعْصِمِ. . . إِلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>