للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي أَمَرَهُمْ بِالنِّفَاقِ وَلَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا حَتَّى يَخْلُوَ (١) مَعَهُمْ، وَيَقُولُ: إِنَّا مَعَكُمْ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ١٣] ، وَلَوْ عَلِمُوا أَنَّ الَّذِي يَأْمُرُهُمْ (٢) بِذَلِكَ شَيْطَانٌ لَمْ يَرْضَوْهُ.

وَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: كُلُّ مُتَمَرِّدٍ عِنْدَ الْعَرَبِ شَيْطَانٌ. وَفِي اشْتِقَاقِهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ مَنْ شَطَنَ يَشْطُنُ إِذَا بَعُدَ عَنِ الْخَيْرِ، وَالنُّونُ أَصْلِيَّةٌ. قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فِي صِفَةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

أَيُّمَا شَاطِنٍ (٣) عَصَاهُ عَكَاهُ ثُمَّ يُلْقَى فِي السِّجْنِ وَالْأَغْلَالِ (٤) عَكَاهُ: أَوْثَقُهُ. وَقَالَ النَّابِغَةُ:

نَأَتْ بِسُعَادَ عَنْكَ نَوَى شُطُونِ ... فَبَانَتْ وَالْفُؤَادُ بِهَا رَهِينُ (٥) وَلِهَذَا قُرِنَتْ بِهِ (٦) اللَّعْنَةُ ; فَإِنَّ اللَّعْنَةَ هِيَ الْبُعْدُ مِنَ الْخَيْرِ، وَالشَّيْطَانُ بَعِيدٌ مِنَ الْخَيْرِ، فَيَكُونُ وَزْنُهُ: فَيْعَالًا، وَفَيْعَالٌ (٧) نَظِيرُ فَعَّالٍ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمُبَالَغَةِ، مِثْلُ الْقَيَّامِ وَالْقَوَّامِ، فَالْقَيَّامُ فَيْعَالٌ، وَالْقَوَّامُ فَعَّالٌ، وَمِثْلُ الْعَيَّاذِ وَالْعَوَّاذِ (٨) . وَفِي قِرَاءَةِ عُمَرَ: الْحَيُّ الْقِيَامُ.


(١) أ، ر: حَتَّى يَخْلُوَ.
(٢) ن: أَمَرَهُمْ.
(٣) و، أ: شَيْطَانٍ.
(٤) الْبَيْتُ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِي ط. الْمَعَارِفِ ١/١١٢ وَهُوَ فِي دِيوَانِهِ تَحْقِيقُ د. عَبْدِ الْحَفِيظِ السَّطَلِيِّ ص ٤٤٥
(٥) فِي دِيوَانِ النَّابِغَةِ تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ شُكْرِي فَيْصَل ص ٢٥٦
(٦) ح: قَارَنَتْهُ، ر: قَرَنَتْهُ.
(٧) وَفَيْعَالٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٨) و: الْعَيَّادِ وَالْعَوَّادِ، أ: الْعَبَّادِ وَالْقَوَّادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>