للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ (١) افْتِقَارَ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ إِلَى اللَّهِ هُوَ حُكْمٌ وَصِفَةٌ ثَبَتَ لِمَا سِوَاهُ، فَكُلُّ مَا سِوَاهُ سَوَاءٌ سُمِّيَ مُحْدَثًا أَوْ مُمْكِنًا أَوْ مَخْلُوقًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ هُوَ مُفْتَقِرٌ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ لَا يُمْكِنُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، بَلْ كَمَا أَنَّ غِنَى الرَّبِّ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، فَفَقْرُ الْمُمْكِنَاتِ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهَا، وَهِيَ لَا حَقِيقَةَ لَهَا إِلَّا إِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً، فَإِنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَكُلُّ [مَا هُوَ] (٢) مَوْجُودٌ سِوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ دَائِمًا حَالَ حُدُوثِهِ وَحَالَ بَقَائِهِ.

وَإِنْ أُرِيدَ بِعِلَّةِ الِافْتِقَارِ إِلَى الْفَاعِلِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَيُقَالُ: كَوْنُ الشَّيْءِ حَادِثًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى مُحْدِثٍ يُحْدِثُهُ (٣) ، وَكَوْنُهُ مُمْكِنًا لَا يَتَرَجَّحُ (٤) وَجُودُهُ عَلَى عَدَمِهِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ تَامٍّ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى وَاجِبٍ يُبْدِعُهُ، وَكَوْنُهُ مُمْكِنًا مُحْدَثًا دَلِيلَانِ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا (٥) دَلِيلٌ عَلَى افْتِقَارِهِ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ: مِثْلُ كَوْنِهِ مُحْدَثًا (٦) ، وَكَوْنِهِ، فَقِيرًا، [وَكَوْنِهِ مَخْلُوقًا] (٧) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِهِ إِلَى خَالِقِهِ، فَأَدِلَّةُ احْتِيَاجِهِ إِلَى خَالِقِهِ (٨) كَثِيرَةٌ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ لِذَاتِهِ لَا لِسَبَبٍ آخَرَ.


(١) ن، م: فَإِذَنْ.
(٢) مَا هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٣) ن: إِلَى حَادِثٍ يُحْدِثُهُ.
(٤) ن، م: لَا يُرَجَّحُ.
(٥) ن، م: دَلِيلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا.
(٦) عِبَارَةُ " كَوْنِهِ مُحْدَثًا ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٧) عِبَارَةُ " وَكَوْنِهِ مَخْلُوقًا ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٨) ن، م: إِلَى الْخَالِقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>