للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْدًا، وَيَقُولُ: أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَيُؤَخِّرُ (١) الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَيَقُولُ: أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْفَجْرِ، أَوْ يُؤَخِّرُ الْفَجْرَ وَيَقُولُ: أُصَلِّيهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَهَذَا تَفْوِيتٌ مَحْضٌ بِلَا عُذْرٍ.

وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ «فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» "، وَقَالَ: " «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» " (٢) ، فَلَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِدْرَاكُ لَمْ يُحْبَطْ عَمَلُهُ. وَقَوْلُهُ: " «وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» " أَيْ صَارَ وِتْرًا لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَالَ، وَلَوْ كَانَ فِعْلُهَا مُمْكِنًا بِاللَّيْلِ لَمْ يَكُنْ مَوْتُورًا.

وَقَالَ: " «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ» " (٣) فَلَوْ كَانَ فِعْلُهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ صَحِيحًا مُطْلَقًا، لَكَانَ مُدْرِكًا، سَوَاءٌ أَدْرَكَ رَكْعَةً أَوْ لَمْ يُدْرِكْ ; فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِلَا إِثْمٍ، بَلْ يَأْثَمُ بِتَعَمُّدِ ذَلِكَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، فَإِنَّهُ أَمَرَ بِأَنْ تُصَلَّى الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا الَّذِي حَدَّهُ، وَأَنْ لَا يُؤَخَّرَ الْعَصْرُ إِلَى مَا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ، فَفِعْلُهَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَاجِبٌ بِأَمْرِهِ، وَقَوْلُهُ: " «صَلَّوُا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا» " (٤) . فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْإِدْرَاكَ لَا يَرْفَعُ الْإِثْمَ عَنْ غَيْرِ الْمَعْذُورِ، بَلْ يَكُونُ


(١) ب فَقَطْ: أَوْ يُؤَخِّرُ.
(٢) مَضَى هَذَانِ الْحَدِيثَانِ قَبْلَ صَفَحَاتٍ ص ٢١٢
(٣) ب فَقَطْ: فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ، وَسَبَقَ الْحَدِيثُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ ص [٠ - ٩] ١١
(٤) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ مُطَوَّلًا قَبْلَ صَفَحَاتٍ ٥/٢٠٩ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ جُزْءٌ مِنْ عِدَّةِ أَحَادِيثَ وَجَاءَتْ أَحْيَانًا بِلَفْظِ صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَأَحْيَانًا بِلَفْظِ صَلَّوُا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَجَمَعَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي صَحِيحِهِ ١/٤٤٨ - ٤٤٩ كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ، بَابُ كَرَاهِيَةِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، وَهِيَ أَحَادِيثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ فِي أَوَّلِهَا: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ قَالَ: قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: (صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ.) وَفِي آخِرِ حَدِيثِ رَقْمِ ٢٤٤ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً) وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ بِمَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ١/١٧٣ - ١٧٤ كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ إِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ، سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ ١/١١٣ - ١١٤ كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ إِذَا أَخَّرَهَا الْإِمَامُ، سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ ١/٣٩٨ - ٣٩٩ كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>