للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ (١) ، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا مِنْ نُظَّارِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

وَقَوْلُ أُولَئِكَ: عِلَّةُ عَدَمِهِ عَدَمُ عِلَّتِهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَتُرِيدُونَ أَنَّ عَدَمَ عِلَّتِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِهِ، وَدَلِيلٌ عَلَى عَدَمِهِ أَمْ تُرِيدُونَ أَنَّ عَدَمَ عِلَّتِهِ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ مَعْدُومًا فِي الْخَارِجِ؟ .

أَمَّا الْأَوَّلُ فَصَحِيحٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ قَوْلَكُمْ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَبَاطِلٌ، فَإِنَّ عَدَمَهُ الْمُسْتَمِرَّ لَا يَحْتَاجُ إِلَى عِلَّةٍ إِلَّا كَمَا يَحْتَاجُ عَدَمُ الْعِلَّةِ إِلَى عِلَّةٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ: عَدِمَ لِعَدَمِ عِلَّتِهِ قِيلَ: وَذَلِكَ الْعَدَمُ أَيْضًا لِعَدَمِ عِلَّتِهِ، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّسَلْسُلَ فِي الْعِلَلِ، وَالْمَعْلُولَاتِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ، فَبُطْلَانُهُ ظَاهِرٌ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ بَعْضِ تَنَاقُضِ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْمُخَالِفِينَ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ، وَصَحِيحِ الْمَنْقُولِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ كَوْنَهُ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ كَيْفِيَّةٌ تَعْرِضُ لِلْوُجُودِ بَعْدَ حُصُولِهِ) . وَهِيَ لَازِمَةٌ [لَهُ] لَا عِلَّةَ لَهُ (٢) .

فَيُقَالُ: هَذَا لَيْسَ بِصِفَةٍ ثُبُوتِيَّةٍ لَهُ، بَلْ هِيَ صِفَةٌ إِضَافِيَّةٌ مَعْنَاهَا أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهَا صِفَةٌ لَازِمَةٌ لَهُ، فَالْمُرَادُ أَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى افْتِقَارِهِ إِلَى الْمُؤَثِّرِ، وَأَيْضًا فَأَنْتَ قَدَّرْتَ هَذَا عِلَّةَ افْتِقَارِهِ لَمْ تُقَدِّرْهُ مَعْلُولَ افْتِقَارِهِ، فَكَوْنُهُ غَنِيًّا (٣) لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ عِلَّةً، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مَعْلُولًا.


(١) وَهُوَ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ.
(٢) ن، م: وَهِيَ لَازِمَةٌ لَا عِلَّةَ لَهَا ; أ: وَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ لَا عِلَّةَ لَهَا. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(٣) ن، م: فَكَوْنُهُ عَيْنًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>