للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالْحَائِضِ، وَمَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الشَّهْرُ فَتَحَرَّى فَصَامَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ الصِّيَامُ، أَمَّا الْمُعْتَمِدُ لِلْفِطْرِ فَلَا.

قَالُوا: وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي جَامَعَ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ بِصَوْمٍ، بَلْ أَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ فَقَطْ. وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ أَمْرِهِ بِالْقَضَاءِ فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ ضَعَّفَهُ الْعُلَمَاءُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ (١) . وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الَّذِي يَسْتَقِيءُ عَمْدًا أَنَّهُ يُعِيدُ، وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ رَفْعُهُ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْمَعْذُورَ الَّذِي اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقَاءُ، أَوِ الْمَرِيضُ الَّذِي احْتَاجَ إِلَى أَنْ يَسْتَقِيءَ فَاسْتِقَاءَ ; فَإِنَّ الِاسْتِقَاءَةَ لَا تَكُونُ فِي الْعَادَةِ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَإِلَّا فَلَا يَقْصِدُ الْعَاقِلُ أَنْ يَسْتَقِيءَ بِلَا حَاجَةٍ (٢) ، فَيَكُونُ الْمُسْتَقِيءُ مُتَدَاوِيًا بِالِاسْتِقَاءَةِ، كَمَا يَتَدَاوَى


(١) انْظُرْ كَلَامَ ابْنِ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي ٣/١٠٩ - ١١٠ عَنْ حُكْمِ مَنْ جَامَعَ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ، وَرَأْيَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِيهَا، وَرَأْيَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُجَامِعِ وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْأَثْرَمُ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَتَلْزَمُهُ لِلْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ. قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ وَأَنَا صَائِمٌ، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالْعِتْقِ أَوْ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَأَعْطَاهُ عَرَقَ فِيهِ تَمْرٌ وَأَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ وَقَالَ لَهُ: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ. وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي إِرْوَاءِ الْغَلِيلِ ٤/٨٨ - ٩٣ وَكَلَامُهُ عَلَى الْحَدِيثَيْنِ وَمُخَالَفَتُهُ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ اسْتَشْهَدَ بِكَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ ٤/١٥٠ حَيْثُ قَالَ: وَبِمَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ تَعْرِفُ أَنَّ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ قَوْلُ النَّبِيِّ: وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا مَكَانَهُ أَصْلًا.
(٢) ن، م: لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>