للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ لَوْ صَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُ إِلَّا بَاطِلَةً، وَكَذَلِكَ إِذَا صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُشْتَرَكِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، مِثْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْمَغْرِبَ قَبْلَ الْمَغِيبِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا، مِثْلَ الْأَسِيرِ إِذَا ظَنَّ دُخُولَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ، وَمِثْلَ الْمُسَافِرِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَغَيْرِهِمَا إِذَا اجْتَهَدُوا فَصَلَّوُا الظُّهْرَ: قَبْلَ الزَّوَالِ أَوِ الْمَغْرِبَ قَبْلَ الْغُرُوبِ ; فَهَؤُلَاءِ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ لِلْعُلَمَاءِ. وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُمْ، وَلَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْمُشْتَرَكِ، كَصَلَاةِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَالْعِشَاءِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، فَقِيَاسُ الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ، فَإِنَّهُ جَمَعَ لِعُذْرٍ وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ أَجْزَأَهُ لِجَوَازِ الْجَمْعِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّهَا مَعَ الْمَغْرِبِ، وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ لَهُ مَعَ أَمْثَالِهِ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ وَتَقْدِيمُ الْعَصْرِ، وَتَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ وَتَقْدِيمُ الْعِشَاءِ، كَمَا نُقِلَ عَنِ السَّلَفِ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ إِذَا فُعِلَتْ هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ الْخَاصِّ أَجْزَأَتْهُ.

قَالُوا: فَالنِّزَاعُ فِي صِحَّةِ مِثْلِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، كَالنِّزَاعِ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ [لَا يُفْعَلُ بَعْدَ الْوَقْتِ] (١) .

قَالَ لَهُمُ الْأَوَّلُونَ: مَا قِسْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجُمُعَةِ وَالْحَجِّ وَرَمْيِ الْجِمَارَ لَا يُفْعَلُ بَعْدَ الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ فِي الشَّرْعِ بِحَالٍ، لَا لِمَعْذُورٍ وَلَا لِغَيْرِ مَعْذُورٍ (٢) . فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ مُخْتَصَّةٌ بِزَمَانٍ كَمَا هِيَ مُخْتَصَّةٌ بِمَكَانٍ.


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(٢) ن، م، و: وَلَا لِغَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>