للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبِدَعِ، الَّذِينَ يَبْتَدِعُونَ بِدْعَةً وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ، كَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ، كَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.

وَقَدْ يَسْلُكُونَ فِي التَّكْفِيرِ ذَلِكَ ; فَمِنْهُمْ مَنْ يُكَفِّرُ أَهْلَ الْبِدَعِ مُطْلَقًا، ثُمَّ يَجْعَلُ كُلَّ مَنْ خَرَجَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ. وَهَذَا بِعَيْنِهِ قَوْلُ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الْجَهْمِيَّةِ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا يُوجَدُ (١) فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَيْسَ هُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ (٢) وَلَا غَيْرِهِمْ (٣) ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ كَفَّرَ كُلَّ مُبْتَدِعٍ، بَلِ الْمَنْقُولَاتُ الصَّرِيحَةُ عَنْهُمْ تُنَاقِضُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ قَدْ يُنْقَلُ عَنْ أَحَدِهِمْ (٤) أَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ قَالَ بَعْضَ الْأَقْوَالِ، وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كُفْرٌ لِيُحَذِّرَ، وَلَا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ الْقَوْلُ كُفْرًا أَنْ يَكَفِّرَ كُلَّ مَنْ قَالَهُ مَعَ الْجَهْلِ وَالتَّأْوِيلِ ; فَإِنَّ ثُبُوتَ الْكُفْرِ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ، كَثُبُوتِ الْوَعِيدِ فِي الْآخِرَةِ فِي حَقِّهِ، وَذَلِكَ لَهُ شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ، كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ.

وَإِذَا لَمْ يَكُونُوا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كُفَّارًا لَمْ يَكُونُوا مُنَافِقِينَ، فَيَكُونُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِمْ. وَإِذَا قَالَ الْمُؤْمِنُ (٥) : {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: ١٠] يَقْصِدُ كُلَّ (٦) مَنْ


(١) ب فَقَطْ: لَا يُوجَدُ وَهُوَ خَطَأٌ.
(٢) سَاقِطٌ مَنَّ (أ) ، (ب) .
(٣) و: وَهَذَا الْقَوْلُ يُوجَدُ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ: مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَلَا غَيْرِهِمْ.
(٤) ر: قَدْ يَنْقُلُ أَحَدٌ عَنْهُمْ.
(٥) ح، ب، ر، و: الْمُسْلِمُ.
(٦) كُلَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ر) ، (ح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>