للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَبُّهُ وَعَدَاوَتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِصِدْقِهِ فِي الْبَاطِنِ كُفْرٌ عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَأَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَسَائِرِ الطَّوَائِفِ، إِلَّا الْجَهْمَ وَمَنْ وَافَقَهُ كَالصَّالِحِيِّ وَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ ; فَإِنَّهُمْ قَالُوا: هَذَا كُفْرٌ فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا يَكُونُ كُفْرًا إِلَّا إِذَا اسْتَلْزَمَ الْجَهْلَ، بِحَيْثُ (١) لَا يَبْقَى فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ مِنَ التَّصْدِيقِ بِالرَّبِّ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ لَا يَتَفَاضَلُ، وَلَا يَكُونُ فِي الْقَلْبِ بَعْضٌ مِنَ الْإِيمَانِ. وَهُوَ خِلَافُ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ، وَخِلَافُ الْوَاقِعِ، وَلِبَسْطِ هَذَا مَوْضِعٌ آخَرُ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ تَابَ مِنْ أَهَّلِ الْبِدَعِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الذَّنْبُ مُتَعَلِّقًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ حَقٌّ مَحْضٌ لِلَّهِ، فَيَجِبُ أَنَّ يَكُونَ الْإِنْسَانُ فِي هَذَا الْبَابِ (٢) قَاصِدًا لِوَجْهِ اللَّهِ، مُتْبِعًا لِرَسُولِهِ، لِيَكُونَ عَمَلُهُ خَالِصًا صَوَابًا.

قَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ١١١ - ١١٢] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٢٥] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ: مَعْنَى الْآيَةِ: أَخْلَصَ دِينَهُ وَعَمَلَهُ (٣) لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فِي عَمَلِهِ.


(١) ن: حَتَّى.
(٢) ح، ب: فَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْبَابِ.
(٣) وَعَمَلَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ ن، فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>