للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُؤَثِّرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ التَّجَدُّدِ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَاجَةَ وَالِافْتِقَارَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّجَدُّدِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ) (١) .

فَيُقَالُ: مِنَ الْعَجَائِبِ، بَلْ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ أَنْ يُجْعَلَ مِثْلُ هَذَا الْهَذَيَانِ بُرْهَانًا فِي هَذَا (٢) الْمَذْهَبِ الَّذِي حَقِيقَتُهُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا، بَلِ الْحَوَادِثُ تَحْدُثُ بِلَا خَالِقٍ، وَفِي إِبْطَالِ أَدْيَانِ [أَهْلِ] (٣) الْمِلَلِ، وَسَائِرِ الْعُقَلَاءِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَكِنَّ هَذِهِ (٤) الْحُجَجَ الْبَاطِلَةَ وَأَمْثَالَهَا لَمَّا صَارَتْ تَصُدُّ كَثِيرًا مِنْ أَفَاضِلِ النَّاسِ وَعُقَلَائِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ عَنِ الْحَقِّ الْمَحْضِ الْمُوَافِقِ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَصَحِيحِ الْمَنْقُولِ، بَلْ تُخْرِجُ أَصْحَابَهَا عَنِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ كَخُرُوجِ الشَّعَرَةِ مِنَ الْعَجِينِ إِمَّا بِالْجَحْدِ وَالتَّكْذِيبِ وَإِمَّا بِالشَّكِّ وَالرَّيْبِ احْتَجْنَا إِلَى بَيَانِ بُطْلَانِهَا لِلْحَاجَةِ إِلَى مُجَاهَدَةِ أَهْلِهَا، وَبَيَانِ فَسَادِهَا مِنْ أَصْلِهَا (٥) إِذْ كَانَ فِيهَا مِنَ الضَّرَرِ بِالْعُقُولِ وَالْأَدْيَانِ مَا لَا يُحِيطُ بِهِ إِلَّا الرَّحْمَنُ.

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: قَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُكُمْ قَبْلَ هَذَا بِأَسْطُرٍ إِنَّ الْعَدَمَ نَفْيٌ مَحْضٌ، فَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى الْمُؤَثِّرِ أَصْلًا. وَجَعَلْتُمْ هَذَا مُقَدِّمَةً فِي الْحُجَّةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ فَكَيْفَ تَقُولُونَ بَعْدَ هَذَا بِأَسْطُرٍ الْمَعْدُومُ الْمُمْكِنُ لَا يَكُونُ عَدَمُهُ إِلَّا لِمُوجِبٍ؟ .


(١) نَقَلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْبُرْهَانَ السَّادِسَ بِنَصِّهِ فِيمَا عَدَا الِاخْتِلَافَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.
(٢) هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) أ، ب: لَكِنَّ مِثْلَ هَذِهِ.
(٥) ن: فَاسِدِهَا مِنْ أَضَلِّهَا ; م: فَاسِدِهَا مِنْ أَصْلِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>