للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَسَنَاتِ لَهُمْ (١) ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٢٧] . وَقَالَ - تَعَالَى -: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢٦٤] . وَقَالَ: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: ٢] . وَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٢٨] .

فَهَذِهِ النُّصُوصُ وَغَيْرُهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاضِيَ مِنَ الْعَمَلِ قَدْ يُحْبَطُ بِالسَّيِّئَاتِ، وَأَنَّ الْعَمَلَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مَعَ التَّقْوَى. وَالْوَعْدُ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُؤْمِنِ، وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا مُؤْمِنِينَ (٢) ; بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: ٢] ، وَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: ١٥] ، وَبِقَوْلِهِ (٣) : {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: ١٨] . وَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْوَعْدُ.

وَبِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: " «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» " (٤) وَقَوْلُهُ: " «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» " (٥) وَنَحْوُ ذَلِكَ.


(١) ن: لَا حِسَابَ لَهُمْ.
(٢) ب، و: لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ.
(٣) ح، ر، و: الصَّادِقُونَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ ب: الصَّادِقُونَ، وَقَوْلِهِ.
(٤) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص ٢٠٧
(٥) جَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ ١/٩٩ كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا. الْمُسْنَدُ ط. الْمَعَارِفِ ١٨/١٠٠ وَجَاءَ قِسْمٌ مِنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا) عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَسَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي: الْبُخَارِيِّ ٩/٤ كِتَابُ الدِّيَاتِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَمَنْ أَحْيَاهَا) ٩/٤٩ كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، مُسْلِمٌ ١/٩٨ كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا. وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) أَوْ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ) فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالْمُسْنَدِ، فَهُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٣/٣٧٠ كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ، سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ ٢/٣٨٩ كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْغِشِّ فِي الْبُيُوعِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَرِهُوا الْغِشَّ وَقَالُوا: الْغِشُّ حَرَامٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>