للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَحْتَجُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى - لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى - الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [سُورَةُ اللَّيْلِ: ١٤ - ١٦] وَقَدْ يَحْتَجُّ بَعْضُ الْجُهَّالِ بِقَوْلِهِ: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: ١٦] قَالَ: فَالْوَعِيدُ شَيْءٌ يُخَوِّفُكُمْ بِهِ.

وَيَقُولُونَ: أَمَّا قَوْلُهُ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٩] فَهَذِهِ فِي الْكُفَّارِ ; فَإِنَّهُ قَالَ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٨ - ٩] . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ - ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ - فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ - ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٢٥ - ٢٨] ، فَقَدْ أَخْبَرَ - سُبْحَانَهُ - أَنَّ هَؤُلَاءِ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، وَأَنَّ الشَّيْطَانَ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ، أَيْ: وَسَّعَ لَهُمْ فِي الْعُمْرِ، وَكَانَ هَذَا بِسَبَبِ وَعْدِهِمْ لِلْكُفَّارِ (١) بِالْمُوَافَقَةِ، فَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} .

وَلِهَذَا فَسَّرَ السَّلَفُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ {كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ} الَّذِينَ كَانُوا سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ. قَالَتِ الْوَعِيدِيَّةُ: اللَّهُ (٢) - تَعَالَى - إِنَّمَا


(١) ح، ب: وَعْدِهِمُ الْكُفَّارَ.
(٢) و: فَاللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>