للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٦] .

وَقَالَ - تَعَالَى -: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا - يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٢٦ - ٢٨] .

وَقَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٣٣] .

فَهَذِهِ الْمُرَادَاتُ كُلُّهَا قَدْ أَمَرَ بِهَا عِبَادَهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَطَاعَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَصَى، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ مِنَ الْعِبَادِ مَا لَا يَفْعَلُونَهُ، كَمَا يَأْمُرُهُمْ (١) بِمَا لَا يَفْعَلُونَهُ.

قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ الْجَبْرِيَّةُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ: بَلْ إِرَادَتُهُ - تَعَالَى - تَتَنَاوَلُ مَا وُجِدَ دُونَ مَا لَمْ يُوجَدْ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى قَوْلِهِمْ: مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَلِأَنَّ إِرَادَةَ مَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَمَنٍّ. وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: ٢٧] ، فَكُلُّ مَا يَشَاؤُهُ فَقَدْ فَعَلَهُ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: ١٣] فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ ذَلِكَ، فَلَمْ يُرِدْ هُدَى كُلِّ أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَمَرَ بِهِ.


(١) ح، ر، ي: كَمَا أَمَرَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>