للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجْعَلُونَ الْكَمَالَ فِي فَنَاءِ الْعَبْدِ عَنْ حُظُوظِهِ، دَخَلُوا فِي مَقَامِ الْفَنَاءِ فِي تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، الَّذِي يَقُولُونَ فِيهِ: (١) الْعَارِفُ لَا يَسْتَحْسِنُ حَسَنَةً وَلَا يَسْتَقْبِحُ سَيِّئَةً. وَيَجْعَلُونَ (٢) هَذَا غَايَةَ الْعِرْفَانِ، فَيَبْقَى عِنْدَهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ، وَلَا بَيْنَ الْإِيمَانِ (٣) وَالْكُفْرِ بِهِ، وَلَا بَيْنَ حَمْدِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَعِبَادَتِهِ، وَبَيْنَ سَبِّهِ وَشَتْمِهِ، وَجَعْلِهِ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ، وَلَا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ (٤) ، وَلَا بَيْنَ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ.

وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ (٥) فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: مَا ثَمَّ إِلَّا مَا هُوَ حَظٌّ لِلْعَبْدِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ صَارُوا مُسَخَّرِينَ فِي الْعِبَادَاتِ مُسْتَثْقِلِينَ لَهَا (٦) ، وَفِي قُلُوبِهِمْ مَرْتَعٌ لِلشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ لَهُمْ: لِمَ لَا يُنْعِمُ بِالثَّوَابِ بِدُونِ هَذَا التَّكْلِيفِ (٧) ؟ فَإِذَا أَجَابُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَنَّ هَذَا أَلَذُّ (٨) كَانَ هَذَا (٩) مِنْ أَبْرَدِ الْأَجْوِبَةِ وَأَسْمَجِهَا (١٠) .


(١) و: الَّذِي فِيهِ يَقُولُونَ، ح، ب، م: الَّذِينَ يَقُولُونَ فِيهِ.
(٢) ح، ر: وَيَجْعَلُ.
(٣) ن، و: وَبَيْنَ الْإِيمَانِ بِهِ.
(٤) ن، م: وَلَا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي جَهْلٍ، و: وَلَا بَيْنَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ أَبِي جَهْلٍ.
(٥) ن، م: عَلَى هَذَا.
(٦) ن، م: مُسْتَقِلِّينَ لَهَا.
(٧) ح، ر، ي: التَّكَلُّفِ.
(٨) ح: بِأَنَّ هَذَا الَّذِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٩) بَعْدَ عِبَارَةِ " كَانَ هَذَا " تُوجَدُ وَرَقَةٌ نَاقِصَةٌ فِي مُصَوَّرَةٍ (م) وَسَأُشِيرُ إِلَى بِدَايَةِ الْكَلَامِ الْمَوْجُودِ فِيهَا عِنْدَ مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
(١٠) وَأَسْمَجِهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (و) .

<<  <  ج: ص:  >  >>