للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْحِكْمَةِ، وَمَنْ أَمَّرَ الْهَوَى عَلَى نَفْسِهِ [قَوْلًا وَفِعْلًا] (١) نَطَقَ بِالْبِدْعَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [سُورَةُ النُّورِ: ٥٤] ". وَقَالَ بَعْضُهُمْ: " مَا تَرَكَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنَ السُّنَّةِ إِلَّا لِكِبْرٍ فِي نَفْسِهِ ".

وَهُوَ كَمَا قَالُوا، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّبِعًا لِلْأَمْرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كَانَ يَعْمَلُ بِإِرَادَةِ نَفْسِهِ، فَيَكُونُ مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ، وَهَذَا عَيْشُ النَّفْسِ، وَهُوَ مِنَ الْكِبْرِ، فَإِنَّهُ شُعْبَةٌ (٢) مِنْ قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا: {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ١٢٤] .

وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَظُنُّ أَنَّهُ يَصِلُ بِرِيَاضَتِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ وَتَصْفِيَةِ نَفْسِهِ إِلَى مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ، مِنْ غَيْرِ اتِّبَاعٍ لِطَرِيقِهِمْ (٣) ، وَفِيهِمْ طَوَائِفُ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ صَارُوا أَفْضَلَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّ الْوَلِيَّ (٤) الَّذِي يَظُنُّونَ هُمْ أَنَّهُ الْوَلِيُّ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَفِيهِمْ (٥) مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ إِنَّمَا يَأْخُذُونَ الْعِلْمَ بِاللَّهِ مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ، وَيَدَّعِي فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْعِلْمُ هُوَ حَقِيقَةُ قَوْلِ فِرْعَوْنَ: إِنَّ هَذَا


(١) قَوْلًا وَفِعْلًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٢) ن: شِيعَةٌ.
(٣) ح، ب، ي، ر: لِطَرِيقَتِهِمْ.
(٤) ح، الْأَوْلِيَاءَ.
(٥) ن، و: وَمِنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>