للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَطْلُبُونَ النُّبُوَّةَ (١) ، بِخِلَافِ مَنْ أَقَرَّ بِمَا جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ، وَرَأَى أَنَّ الشَّرْعَ الظَّاهِرَ لَا سَبِيلَ إِلَى تَغْيِيرِهِ ; فَإِنَّهُ يَقُولُ: النُّبُوَّةُ خُتِمَتْ، لَكِنَّ الْوِلَايَةَ لَمْ تُخْتَمْ. وَيَدَّعِي مِنَ (٢) الْوِلَايَةِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَمَا يَكُونُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا.

وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ، وَهُمْ فِي (٣) الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ نَوْعَانِ (٤) : نَوْعٌ يَقُولُ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ الْعَامِّ الْمُطْلَقِ، كَابْنِ عَرَبِيٍّ وَأَمْثَالِهِ، وَيَقُولُونَ فِي النُّبُوَّةِ: إِنَّ الْوِلَايَةَ أَعْظَمُ مِنْهَا، كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ:


(١) ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ " دَرْءِ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " ٥/٢٢ وَصَارَ كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ، أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُفْصِحَ بِذَلِكَ لَوْلَا السَّيْفُ، كَمَا فَعَلَ السُّهْرَوَرْدِيُّ الْمَقْتُولُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا أَمُوتُ حَتَّى يُقَالَ لِي: قُمْ فَأَنْذِرْ. وَكَانَ ابْنُ سَبْعِينَ يَقُولُ: لَقَدْ زَرَّبَ ابْنُ آمِنَةَ حَيْثُ قَالَ: لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى غَارَ حِرَاءَ لِيَنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهِ الْوَحْيُ. وَعَلَّقْتُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ بِقَوْلِي: " يَقُولُ الدكتور مُحَمَّد عَلِي أَبُو رَيَّانَ فِي مُقَدِّمَتِهِ لِكِتَابِ " هَيَاكِلِ النُّورِ " لِلسُّهْرَوَرْدِيِّ ص ١١ ط. التِّجَارِيَّةِ الْقَاهِرَةِ ١٣٧٧/١٩٥٧ إِنَّ عُلَمَاءَ حَلَبَ سَأَلُوا السُّهْرَوَرْدِيَّ أَثْنَاءَ مُنَاقَشَتِهِ فِي مَسْجِدِ حَلَبَ: هَلْ يَقْدِرُ اللَّهُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ نَبِيًّا آخَرَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ؟ فَأَجَابَهُمُ الشَّيْخُ بِأَنْ: " لَا حَدَّ لِقُدْرَتِهِ ". وَيَقُولُ الدكتور أَبُو الْوَفَا التَّفْتَازَانِيُّ فِي مَقَالَةِ " ابْنُ سَبْعِينَ وَحَكِيمُ الْإِشْرَاقِ "، ص ٢٩٦ الْكِتَابِ التِّذْكَارِيِّ لِشِهَابِ الدِّينِ السُّهْرَوَرْدِيِّ ط. الْقَاهِرَةِ ١٣٩٤/١٩٧٤ وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ابْنِ سَبْعِينَ فَإِنَّهُ فِي " بُدِّ الْعَارِفِ " يُصَرِّحُ بِأَنَّ النُّبُوَّةَ رُتْبَةٌ مَمْنُوعَةٌ وَلَا طَمَعَ فِيهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَإِنْ كَانَ فِي طَبْعِ الْإِنْسَانِ أَوْ فِي طَبْعِ جِنْسِهِ أَنْ تُوجَدَ لَهُ النُّبُوَّةُ، فَالْأَنْبِيَاءُ بَشَرٌ "، انْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذَانِ فِي الْمَرْجِعَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ الدكتور أَبُو رَيَّانَ فِي: أُصُولُ الْفَلْسَفَةِ الْإِشْرَاقِيَّةِ، ص ٣٠٤ - ٣١٢ مُقَدِّمَةِ كِتَابِ حِكْمَةِ الْإِشْرَاقِ لِلسُّهْرَوَرْدِيِّ ص ١١ - ١٢ " ط بَارِيسَ "، ١٩٥٢ مَجْمُوعَةٍ فِي الْحِكْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ لِلسُّهْرَوَرْدِيِّ، كِتَابِ التَّلْوِيحَاتِ، ص ٩٥ - ١١٣ ط. اسْتَانْبُولَ، ١٩٤٥
(٢) و: فِي
(٣) و: وَمَا يَكُونُ لِلْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُرْسَلُونَ يَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا، يَعْنِي الْقَوْلَ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ، وَهُمْ فِي.
(٤) و: أَنْوَاعٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>