للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْصُلُ إِلَّا بِذَبْحِهِمَا جَمِيعًا. وَكُلُّ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ إِسْحَاقُ، فَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنِ الْيَهُودِ، أَهْلِ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَنْهُمْ.

[وَقَدْ بَسَطْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مُصَنَّفٍ مُفْرَدٍ] (١) .

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْخَلِيلَيْنِ هُمَا أَكْمَلُ خَاصَّةِ الْخَاصَّةِ تَوْحِيدًا ; فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ هُوَ أَكْمَلُ تَوْحِيدًا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَضْلًا عَنِ الرُّسُلِ، فَضْلًا عَنْ أُولِي الْعَزْمِ، فَضْلًا عَنِ الْخَلِيلَيْنِ.

وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِمَا بِتَحْقِيقِ إِفْرَادِ الْأُلُوهِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَبْقَى فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ لِغَيْرِ اللَّهِ أَصْلًا، بَلْ يَبْقَى الْعَبْدُ (٢) مُوَالِيًا لِرَبِّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، يُحِبُّ مَا أَحَبَّ، وَيُبْغِضُ مَا أَبْغَضَ، وَيَرْضَى بِمَا رَضِيَ (٣) ، وَيَسْخَطُ بِمَا سَخِطَ (٤) ، وَيَأْمُرُ بِمَا أَمَرَ، وَيَنْهَى عَمَّا نَهَى.

وَأَمَّا التَّوْحِيدُ الثَّانِي الَّذِي ذَكَرَهُ وَسَمَّاهُ " تَوْحِيدَ الْخَاصَّةِ "، فَهُوَ الْفَنَاءُ فِي تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ رُبُوبِيَّةً (٥) الرَّبُّ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، وَأَنَّهُ وَحْدَهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ، وَالْفَنَاءُ إِذَا كَانَ فِي تَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ: وَهُوَ (٦) أَنْ


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَفِي (و) بَدَلًا مِنْهُ: " وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ ". وَقَالَ ابْنُ الْهَادِي فِي " الْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ " ص ٥٤ " وَلَهُ جَوَابٌ فِي أَنَّ الذَّبِيحَ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُوَ إِسْمَاعِيلُ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ "، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي " أَسْمَاءِ مُؤَلَّفَاتِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ "، ص ٢٢.
(٢) ب فَقَطْ: لِغَيْرِ اللَّهِ أَصْلًا، وَكَمَالُ هَذَا التَّوْحِيدِ يُوجِبُ أَنْ يَبْقَى الْعَبْدُ.
(٣) رَضِيَ: كَذَا فِي (و) ، (ب) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: يَرْضَى.
(٤) ن، م، ي: يَسْخَطُ.
(٥) ح، ب، و: بِرُبُوبِيَّةٍ.
(٦) ب فَقَطْ: هُوَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>