للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّفَاتِ إِلَّا أَمْرًا عَدَمِيًّا، وَأَمَّا الْمَخْلُوقَاتُ فَإِنَّهَا مَوْجُودَاتٌ: جَوَاهِرٌ، وَأَعْرَاضٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اقْتِضَاءَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِ الْوَاجِبِ لِلْعَدَمِ الْمَحْضِ لَيْسَ كَاقْتِضَائِهِ لِلْوُجُودِ، وَسَوَاءٌ سُمِّيَ ذَلِكَ اسْتِلْزَامًا أَوْ إِيجَابًا، أَوْ فِعْلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّ وُجُودَ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ ضِدِّهِ، وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ إِنَّهُ فَاعِلٌ لِعَدَمِ ضِدِّهِ، وَوُجُودُ الشَّيْءِ يُنَاقِضُ عَدَمَ نَفْسِهِ، وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ إِنَّ وُجُودَهُ هُوَ الْفَاعِلُ لِعَدَمِ عَدَمِهِ (١) ، فَإِنَّ عَدَمَ عَدَمِهِ هُوَ وُجُودُهُ، وَوُجُودُهُ وَاجِبٌ لَا يَكُونُ مَفْعُولًا وَلَا مَعْلُولًا.

وَأَيْضًا فَالْعَدَمُ الْمَحْضُ إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ، [كَمَا هُوَ] (٢) عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: عِلَّتُهُ عَدَمُ عِلَّةِ وُجُودِهِ (٣) ، فَيَجْعَلُ عِلَّةَ الْعَدَمِ عَدَمًا، وَلَا يَجْعَلُ لِلْعَدَمِ الْمُمْكِنِ عِلَّةً وُجُودِيَّةً، فَالْعَدَمُ الْوَاجِبُ أَوْلَى أَلَّا يَفْتَقِرَ إِلَى عِلَّةٍ وُجُودِيَّةٍ، [فَإِنَّ الْعَدَمَ الْوَاجِبَ اللَّازِمَ لِذَاتِهِ عَدَمٌ وَاجِبٌ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى عِلَّةٍ وُجُودِيَّةٍ] (٤) ، فَإِنَّ الْعَدَمَ الْوَاجِبَ يَتَّصِفُ بِهِ الْمُمْتَنِعُ، وَالْمُمْتَنِعُ الَّذِي يَمْتَنِعُ وُجُودُهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى عِلَّةٍ وُجُودِيَّةٍ، وَعَدَمُ وُجُودِ الرَّبِّ (٥) مُمْتَنِعٌ لِنَفْسِهِ، كَمَا أَنَّ وُجُودَ الرَّبِّ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: (وَالصِّفَاتُ وَالْأَحْوَالُ، وَالْأَحْكَامُ (٦) عَلَى اخْتِلَافِ آرَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي ذَلِكَ) .


(١) أ، ب: هُوَ الْفَاعِلُ لِعَدَمِهِ.
(٢) كَمَا هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(٣) ن، م: عِلَّتُهُ عِلَّةُ عَدَمِ وُجُودِهِ.
(٤) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) ن، م: وَعَدَمُ (مَا يُنَاقِضُ) وُجُودَ الرَّبِّ.
(٦) أ، ب: وَالْأَحْكَامُ وَالْأَحْوَالُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>