للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا كَانَ أَبُو ذَرٍّ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهِ اتَّبَعَهُ أَحْمَدُ، مَعَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ (١) . وَتَارَةً يَقُولُ أَحْمَدُ: رَآهُ. فَيُطْلِقُ (٢) اللَّفْظَ وَلَا يُقَيِّدُهُ بِعَيْنٍ وَلَا قَلْبٍ (* اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ، وَتَارَةً يَسْتَحْسِنُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: رَآهُ. وَلَا يَقُولُ بِعَيْنٍ وَلَا قَلْبٍ *) (٣) ، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ الَّذِينَ بَاشَرُوهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رَآهُ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ مَا نَقَلُوهُ عَنْ أَحْمَدَ الْخَلَّالِ فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ " وَغَيْرِهِ (٤) .

وَكَذَلِكَ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " رَآهُ بِعَيْنِهِ "، بَلِ الثَّابِتُ عَنْهُ إِمَّا الْإِطْلَاقُ، وَإِمَّا التَّقْيِيدُ بِالْفُؤَادِ.

وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى (٥) وَمَنِ اتَّبَعَهُ عَنْ أَحْمَدَ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ فِي رُؤْيَتِهِ تَعَالَى: إِحْدَاهَا: أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ، وَاخْتَارُوا ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ اخْتَارَهُ الْأَشْعَرِيُّ وَطَائِفَةٌ. وَلَمْ يَنْقُلْ هَؤُلَاءِ عَنْ


(١) رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ١/١٥٨ - ١٥٩ (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) أَثَرَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْأَوَّلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَآهُ بِقَلْبِهِ وَالثَّانِي، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) [سُورَةُ النَّجْمِ: ١١] (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [سُورَةُ النَّجْمِ: ١٣] قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ ٥/٧٠ (كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ النَّجْمِ) أَثَرًا عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِهِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ "، وَجَاءَ الْأَثَرُ بِنَفْسِ الْمَعْنَى فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ٣/٢٩٤ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَعْلِيقِهِ: " وَنَسَبَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ ٦/١٢٤ أَيْضًا لِلطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ".
(٢) ح، ب: وَيُطْلِقُ.
(٣) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ح) .
(٤) لَعَلَّ كَلَامَ أَحْمَدَ وَرِوَايَتَهُ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ بِالْإِسْنَادِ رَوَاهُ عَنْهُ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ ".
(٥) ن: كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>