الْقُرْآنِ تُبَيِّنُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْكَلَامِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَزَلِيًّا أَبَدِيًّا، مَا زَالَ وَلَا يَزَالُ؟ ! وَكَيْفَ يَكُونُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ؟ ! قَائِلًا: {يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا} [سُورَةُ هُودٍ: ٤٨] ، {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ٥٥] ، يَا مُوسَى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} [سُورَةُ طَهَ: ١٤] ، {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ - قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ: آيَةُ ١ - ٢] .
وَقَالَ هَؤُلَاءِ: هَذَا الْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ لَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ. وَقَالَ هَؤُلَاءِ: كَلَامُ اللَّهِ لَا يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَبَعَّضُ.
فَقَالَ لَهُمُ النَّاسُ: مُوسَى لَمَّا كَلَّمَهُ اللَّهُ أَفْهَمَهُ كَلَامَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ؟ إِنْ قُلْتُمْ: كُلَّهُ ; فَقَدْ صَارَ مُوسَى يَعْلَمُ عِلْمَ اللَّهِ، وَإِنْ قُلْتُمْ: بَعْضَهُ ; فَقَدْ تَبَعَّضَ، وَهُوَ عِنْدُكُمْ وَاحِدٌ لَا يَتَبَعَّضُ.
وَكَذَلِكَ هَذَا الْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ هُوَ عِنْدَكُمْ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْهُ، أَفَهُوُ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّهِ؟ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ أَمْ عَنْ بَعْضِهِ؟ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ أَيْضًا، إِلَى كَلَامٍ آخَرَ يَطُولُ ذِكْرُهُ هُنَا.
وَقَالَ الْحِزْبُ الثَّانِي لَمَّا رَأَوْا فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ:، بَلْ نَقُولُ: إِنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ، وَإِنَّهُ حُرُوفٌ، أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ، وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ كَلَامُ اللَّهِ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ.
وَفِي الْقُرْآنِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الْمَنْزِلَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ عَرَبِيٌّ.
وَأَخَذُوا يُشَنِّعُونَ عَلَى أُولَئِكَ إِنْكَارَهُمْ (١) أَنْ يَكُونَ هَذَا كَلَامَ اللَّهِ ; فَإِنَّ
(١) ن، م، ب: بِإِنْكَارِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute