للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ غَالِطٌ، بَلْ لِتَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَالْعَمَلِ بِالْعِلْمِ وَتَقْوَى اللَّهِ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ فِي حُصُولِ الْعِلْمِ، لَكِنْ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ إِلَّا بِنَظَرٍ وَتَدَبُّرٍ وَفَهْمٍ لِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ الرَّسُولَ. وَلَوْ تَعَبَّدَ الْإِنْسَانُ مَا عَسَى أَنْ يَتَعَبَّدَ، لَمْ يَعْرِفْ مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ نَظَرَ وَاسْتَدَلَّ مَاذَا عَسَى أَنْ يَنْظُرَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْمَطْلُوبُ إِلَّا بِالتَّعَلُّمِ مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا يَحْصُلُ التَّعَلُّمُ الْمُطَابِقُ (١) النَّافِعُ إِلَّا مَعَ الْعَمَلِ بِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [سُورَةُ الصَّفِّ: ٥] .

وَقَالَ: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ - وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [سُورَةُ الِأَنْعَامِ: ١٠٩ - ١١٠] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٥٥] ، وَقَالَ تَعَالَى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ: ١٤] .

وَقَالَ: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ١٠٠] .

وَقَالَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا - وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا - وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٦٦ - ٦٨] .


(١) ح، ب: اللَّائِقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>